مختارات من قضاء وافتاء مجلس الدولة
محتويات الكتاب
م |
البيــــــــــان |
||
1 |
*إتاحة فرصة للتعليم الجامعي لغير المصريين. حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ٤٧٨ لسنة ٢٣ ق . ع. ١٢ يونيو ۱۹۹۳) |
||
2 |
*الحق في التعليم - حق السجين في التعليم. حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ١٢٢٢٨ لسنة ٤٨ ق . ع . ٢٨ يناير ۲۰۰۹) |
||
3 |
*حق السجين في الزيارة. حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ٢٢٨٢ لسنة ٤٦ ق . ع .،29 يناير ٢٠٠٦) |
|
|
4 |
*حق الموظف في الإضراب - حق دستوري. حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ٢٧٠٤٧ لسنة ٦١ ق.ع. بجلسة ١٧ يونيو ٢٠١٧) |
|
|
5 |
*الضمانات المقررة للموظف العام في مرحلة التحقيق الإداري. حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعون أرقام 7929،8487،8488،8685 لسنة 48 ق.ع جلسة ١٨ فبراير ٢٠٠٦) |
|
|
6 |
*محمية جزيرة القرصاية - الموازنة بين الحفاظ على الحالة الطبيعية للمحمية واعتبارات حفظ السلم والأمن الداخلي للبلاد. حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ٥٧٢٠ لسنة ٥٥ ق.ع. بجلسة 6 فبراير ٢٠١٠) |
|
|
7 |
*الإضرار بالبيئة المائية. حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ٩٧٢٩ لسنة ١٧ ق.ع. بجلسة 4 يوليو ٢٠٠٤) |
|
|
8 |
*حظر دخول النقابات المستوردة. حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ٨٤٥٠ لسنة 11 قضائية بجلسة ١٧ فبراير ٢٠٠١) |
|
|
9 |
*التأثير البيئي للمنشآت الصناعية. حكم محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم ٢2٦٧٩ لسنة ٥٢ قضائية بجلسة ٢٧ مارس۲۰۱۰) |
|
|
10 |
*حظر القاء المخلفات الصلبة والسائلة أو الغازية والناتجة من عمليات الصرف وغيرها في المجاري المائية. (حكم محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم ۲۸۹۲۸ لسنة ٥٨ قضائية بجلسة ٧ مايو ٢٠١3) |
|
|
11 |
*مدى جواز تعيين خريجة في وظيفة معيد بشعبة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم | السياسية رغم فقدها الحاسة الإبصار. فتوي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بتاريخ 13/7/2009، ملف رقم : 58/١/196) |
|
|
12 |
*مدى جواز تجديد تصاريح ممارسة نشاط المناجم والمحاجر داخل محمية وادى الجمال في ضوء قرار مجلس إدارة جهاز شئون البيئة بجلسته رقم ٤٦ المعقودة بتاريخ ۲۰۱۹/۱/۲۸ بعدم الموافقة على ممارسة هذا النشاط داخل المحمية، وفي ضوء استقرار المراكز القانونية المكتسبة للحاصلين على تصاريح ممارسة هذا النشاط. ( فتوي الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلسة 25/3/2020، ملف رقم : 78/2/169) |
|
(1)
حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم ٤٧٨ لسنة ٣٣ ق.ع. بجلسة ١٣ يونيو ١٩٩٣
إتاحة فرصة للتعليم الجامعي لغير المصريين - الطلاب الوافدون
ومن حيث انه ولئن كان الدستور قد كفل حق التعليم لكل المواطنين على نحو سواء إلا انه بالنسبة لغير المصريين يكون للسلطات الإدارية التنفيذية المختصة به أن تضع من القواعد والضوابط المحققة للصالح العام ووفق سياسات التعليم الجاري عليها العمل.
وان تكون هذه القواعد محققة للمساواة في المعاملة بين من تسري عليهم بحسب صياغتها وعباراتها وبين من تتوافر فيهم شروط انطباقها وعلى قدر من المساواة عند التماثل في المراكز القانونية لأي منهم.
وغنى عن البيان أن هذا الاستثناء بتوفير حق للوافدين في استكمال تعليمهم الجامعي بجمهورية مصر العربية - هدفه وغايته تحقيق الصالح الوطني والقومي العام بإتاحة فرص التعليم الجامعي لشباب الأمة العربية في الجامعات المصرية كما هو شأن شباب مصر.
ولكن ذلك يقدر بقدره فلا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره لما هو بديهي من أن فرص التعليم الجامعي محدود بإمكانيات الجامعات وكل فرصه نتاج لغير المصريين قد لا تكون متاحه لهم.
قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية تخول الحق الدستوري لشباب مصر في التعليم
الجامعي محددا بالإمكانيات المتاحة للجامعات لتوفير هذا التعليم والأساس في الأولوية في الحصول على فرصة التعليم هي كفاءة تحصيل الطالب وفق نتيجة نجاحه في شهادة الثانوية العامة وفي حدود الأعداد التي يتيحها مكتب التنسيق في كل كليه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى منذ إنشائها على انه طبقا لأحكام الدستور والقانون فإن رقابة القضاء الإداري ومحاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية هي "رقابة مشروعية" تسلطها على القرارات المطعون فيها فتلغيها أو توقف تنفيذها لو تبين صدورها مخالفة لأحكام القانون بصفة عامة أو انحرافها عن الغاية الوحيدة التي حددها الدستور والقانون السلامة تصرفات الإدارة وهي تحقيق الصالح العام الى تحقيق غير ذلك من الأغراض غير المشروعة لجهة الإدارة أو لأي من العاملين بها.
ويجب أن يستند القاضي الإداري فيما يقضي بوقف تنفيذه من قرارات إدارية بحسب الظاهر من الأوراق وفي الحدود التي يقتضيها القضاء بوقف التنفيذ على ما يبدو من عدم مشروعية القرار المطعون فيه فضلا عن توافر نتائج يتعذر تداركها عند الاستمرار في التنفيذ ما لم يوقف أثر القرار غير المشروع على سبيل الاستعجال.
كما إن ولاية رقابة مشروعية القرار محل المنازعة والتي تباشرها محاكم مجلس الدولة يجد حدها الطبيعي في مراجعة قرارات الإدارة وتصرفها الإيجابي والسلبي ووزنه بميزان المشروعية وسيادة القانون ووقف تنفيذ أو إلغاء ما يتبين خروجه من قرارات الإدارة وتصرفاتها عن ذلك لتقيد الإدارة وفقا لما تتضمنه الأحكام منطوقا وأسبابا مرتبطة به وتصحح تصرفاتها وقراراتها إعلاء للمشروعية وسيادة القانون.
ومن حيث إن اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة بالقرار رقم ٨٠٩ لسنة ۱۹۷5 تنص في المادة (٧٤) منها على أن ال... مع مراعاة الشروط المؤهلة للقبول بكل كلية يحدد المجلس الأعلى للجامعات عدد الطلاب الذين يقبلون من غير أبناء جمهورية مصر العربية، ويصدر بقبولهم قرار من وزير التعليم العالي.
كما تنص المادة (٧٥) من ذات اللائحة على انه يشترط في قيد الطالب للحصول على درجة الليسانس أو البكالوريوس أن يكون حاصلا على شهادة الدراسة الثانوية العامة أو ما يعادلها ويكون القبول بترتيب درجات النجاح مع مراعاة التوزيع الجغرافي.
كما تضمن دليل قبول الطلاب الوافدين الصادر من وزارة التعليم العالي "الإدارة العامة لقبول ومنح الوافدين إلى أن الشروط اللازمة للقبول هي:
(۱) الحصول على شهادة الثانوية العامة المصرية أو ما يعادلها.
(۲) النجاح في المواد المؤهلة للقبول بالكلية المراد الالتحاق بها.
( ۳) استيفاء الحد الأدنى لمجموع الدرجات المقرر للكليات المراد الالتحاق بها.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن المطعون ضدها قد استوفت هذه الشروط وتلك الإجراءات وحصلت على مجموع قدره ۹۱٪ في شهادة إتمام الدراسة الثانوية وان من قرنائها من التحق بكلية الطب جامعة الإسكندرية في ذات عام ۱۹۸۵/۱۹۸٦ الذي تقدمت للالتحاق بالكلية فيه وتمجموع يقل عن مجموعها ولم تنكر الجهة الإدارية عليها ذلك، ولم تقدم ما ينفيه، بل على العكس أوضح ولى أمر المطعون ضدها، قبل بلوغها من الرشيد، أن كلية الطب جامعة الإسكندرية قبلت طلابا في مثل حالة كريمته ومجاميع اقل من مجموعها الأمر الذي يتحقق معه عدم المساواة في تطبيق القواعد المنظمة لالتحاق الطلاب الوافدين بالجامعة عند اتحاد مراكزهم القانونية الأمر الذي يبين منه عدم مشروعيه القرار المطعون فيه، ومن ثم يكون ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد تحقق.
ومن حيث انه يؤكد ما سلف بيانه أنه بناء على الحكم الطعين فان القرار المطعون فيه قد تم تنفيذه بالفعل وتحققت النتائج التي يتعذر تداركها وتبرر القضاء بوقف تنفيذه أو إلغاء الحكم الصادر بوقف التنفيذ لو كان صادرا بالمخالفة لصحيح أحكام الدستور والقانون حيث قدمت المطعون ضدها شهادة تفيد إتمامها الدراسة بالجامعة وحصولها على بكالوريوس الطب دور ديسمبر ۱۹۹۲ وإنها بدأت فترة الامتياز في مارس ۱۹۹۳ وهو الأمر الذي ينتفى فيه حالة الاستعجال المبررة لرفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وتنتفى معه أيضا مصلحة الطاعن - بالنسبة للطعن الماثل - في طلب رفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فضلا عما يترتب على عدم الحكم برفض وقف تنفيذ القرار من أضرار لا يمكن تدارك الآثار المترتبة عليها وما يمثله ذلك من أضرار بمستقبل المطعون ضدها الشخصي والعلمي بعد أن تم تنفيذ الحكم يوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ولسنوات الدراسة كاملة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب الى توافر ركني الجدية والاستعجال المبررين لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وانتهى الى القضاء بذلك فانه أيا كان الرأي فيما ذهب إليه في أسبابه ومدى اتفاقها مع صحيح القانون فإنه إذ ترتبت كل الآثار القانونية الناتجة عن الحكم بالنسبة لتنفيذ القرار المطعون فيه فانه يتعين الحكم برفض الطعن عليه بالإلغاء للأسباب سالفة البيان.
(2)
حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ۱۳۲۳۸ لسنة ٤٨ ق.ع. بجلسة ٢٨ يناير ٢٠٠٩
الحق في التعليم - حق المعتقل / السجين في التعليم
ومن حيث إنه يستفاد من نصوص المواد أرقام ۲۸، ۳۱،۳۰ من قانون تنظيم السجون أن المشرع قد اعتبر التعليم حقاً مكفولاً للجميع، وأوجب على إدارة السجن تشجيع المسجونين على ذلك، وأن حبس المواطن لا يسقط حقه في التعليم ولا يبرئ ذمة الدولة من كفالة هذا الحق، ويظل التزامها به قائماً بما لا يتعارض مع واجبات الحبس، ولذلك أوجب المشرع على الإدارة تعليم المسجونين وتشجيعهم على ذلك، وأن تيسر لهم سبل الاستذكار وتأدية الامتحانات في مقار اللجان الخاصة بهم وليس في محبسهم، وبالتالي تضحى موافقة وزير الداخلية على أداء المحبوسين والمسجونين الامتحانات في محبسهم فقط مخالفة للقانون سالف الذكر وتتعارض معه.
ومن حيث إنه لما كان البين من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده محبوس في معتقل وادي النطرون، وأنه مقيد بالفرقة الأولى بكلية التربية جامعة المنيا في العام الجامعي ۲۰۰۱/۲۰۰۲ وتقدم إلى الجهة الإدارية الطاعنة للسماح له بأداء امتحانات تلك الفرقة في هذا العام إلا أنها امتنعت عن إجابته إلى طلبه رغم تقدمه بعدة طلبات لهذا الغرض الأمر الذي يشكل قراراً إدارياً سلبياً مخالفاً للقانون، مرجح الإلغاء عند الفصل في طلب الإلغاء، الأمر الذي يتوافر به ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ هذا القرار، فضلا عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ هذا القرار والاستمرار في تنفيذه من أضرار تحيق بالطالب المذكور منها حرمانه من مواصلة تعليمه وكذلك حرمانه في المستقبل من مصدر مشروع للرزق، وإذ توافر لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركنا الجدية والاستعجال الأمر الذي يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تلك النتيجة فمن ثم يكون قد صدر مطابقاً للقانون ويضحى الطعن عليه فاقدا سنده خليقاً بالرفض.
(3)
حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ۳۳۸۳ لسنة ٤٦ ق.ع. بجلسة ٢٩ يناير ٢٠٠٦
حق السجين في الزيارة
من حيث إنه طبقا لأحكام المادة (٤) من الدستور والمادتين ٤٢،٣٨ من القانون رقم ٣٩٦ لسنة ١٩٥٦ في شأن تنظيم السجون والمادة ٦٤ من اللائحة الداخلية للقانون الأخير فإن المشرع قد أحترم أدمية الإنسان وكرامته فجعل للمحكوم عليه بأي عقوبة الحق في الزيارة وهو حق مزدوج مقرر للمحكوم عليه ولذويه فلأي منهم أن يطلب هذه الزيارة وفقا للضوابط التي وضعها القانون رقم ٣٩٦ لسنة ١٩٥٦ ولائحته الداخلية واستثناء من هذا الأصل يجوز للجهة الإدارية أن تمنع زيارة المسجون الأسباب صحية أو أمنية إلا أن هذا المنع ليس مطلقا أو غير محدد بمدة معينة وإنما هو منع من الزيارة في أوقات معينة ولأسباب متعلقة بالأمن أو الصحة فلا يجوز أن تمارس هذه السلطة في كل الأوقاف وبصفة دائمة أو مستمرة تستغرق من فترة وجود المسجون أو المعتقل في سجنه والقول بغير ذلك بشكل إهدارا لآدمية المسجون وإبداء معنويا له وحرمانا من حق طبيعي مقرر له ولذويه.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن المطعون ضدها تنازع في منعها من زيارة شقيقها المحكوم عليه في سجنه شديد الحراسة وذلك بإصدار قرارات متتالية بالمنع من الزيارة المدد تستغرق كل مدة ثلاثة أشهر كان أخرها القرار رقم ٥٥٦ لسنة ١٩٩٩ مما يستفاد منه المنع من الزيارة بصفة دائمة ومستمرة مما يخالف أحكام الدستور والقانون.
ومن ثم يتوافر ركن الجدية كما يتوافر ركن الاستعجال لأن المنع من الزيارة والاستمرار في المنع يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها تتمثل في قطع الصلة التي تربط المسجون بذويه والتي حرص المشرع على استمرارها ولا وجه للدفع بانتقاء مصلحة المطعون ضدها في الطعن على القرار رقم ٥٥٦ لسنة ۱۹۹۹ لانتهاء مدته قبل صدور الحكم المطعون فيه لأن المطعون ضدها لا تنازع في هذا القرار وإنما تنازع في منعها من زيارتها لشقيقها المسجون بصفة دائمة ومستمرة نتيجة لصدور عدة قرارات متتالية ومنها القرار المشار إليه ومن ثم تطل مصلحتها قائمة حتى بعد انتهاء مدة القرار المشار إليه طالما ظل حقها في زيارة شقيقها مستمرا.
(4)
حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ٢٧٠٤٧ لسنة ٦١ ق.ع. بجلسة ١٧ يونيو ٢٠١٧
حق الموظف في الإضراب - حق دستوري
ومن حيث إنه بخصوص التطور التشريعي والقضائي خيال حق الإضراب فإنه بالنسبة للعاملين بالمرافق العامة لم يكن إضراب العاملين في المرافق العامة معاقباً عليه جنائياً في مصر حتى عام ۱۹۲۳ اكتفاء بالعقوبات التأديبية التي يمكن توقيعها على العاملين المضربين بسبب الامتناع عن أداء العمل أياً كان طبيعة هذا الامتناع، والتي قد تصل إلى حد العزل من الوظيفة الأن مثل هذا الامتناع بشكل مخالفة للقواعد التي تحكم الوظيفة العامة.
ولما ظهرت مخاطر حركات العمال العنيفة، وجد المشرع أن الجزاءات التأديبية غير رادعة، وأنه لا بد من وضع عقوبات جنائية تضمن استمرار المرفق في أداء خدماته للجمهور ولهذا أدخل تعديلات على قانون العقوبات الصادر سنة ١٩٠٤ وذلك مقتضى القانون رقم ٣٧ لسنة ١٩٢٣ وهذه المواد هي المادة ۱۰۸ مكرر والخاصة بإضراب الموظفين والمستخدمين العموميين والمادة ۳۲۷ مكرر والخاصة بإضراب العاملين في مرافق تدار عن طريق الامتياز وظل هذا القانون سارياً حتى سنة ١٩٤٦ عندما تدخل المشرع بتشديد العقوبات القديمة بمقتضى المرسوم بقانون رقم ١١٦ لسنة ١٩٤٦ ثم بالقانون رقم ٢٤ لسنة ١٩٥١ تم بالقانون رقم ٢٩ لسنة ۱۹۸۲ بحيث أصبح الإضراب محظوراً على كافة العاملين في جميع المرافق العامة أيا كان أسلوب إدارتها سواء التي تدار بالطريق المباشر أو التي تدار بالطريق غير المباشر عن طريق الامتياز، وفي ظل وجود النصوص الواردة بقانون العقوبات والمتعلقة بتجريم الإضراب انضمت مصر إلى الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/١٢/١٩٦٦ وقد وقعت مصر على هذه الاتفاقية في الرابع من أغسطس عام ١٩٦٧ وقد تحفظت الحكومة المصرية في وثيقة التصديق تحفظاً عاماً هو الأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية وعدم تعارض الاتفاقية معها، وبتاريخ 1/۱۰/۱۹۸۱ أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم ٥٣٧ لسنة ۱۹۸۱ بشأن الموافقة على تلك الاتفاقية مع الأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية وعدم تعارضها معها، ثم أصدر وزير الخارجية قراراً بنشر هذه الاتفاقية في الجريدة الرسمية، وبتاريخ 8/4/1982 تم نشرها في الجريدة الرسمية بالعدد الرابع عشر، على أن يعمل بها اعتباراً من تاريخ 14/٤/١٩٨٢ومنذ هذا التاريخ وهذه الاتفاقية أصبح لها قوة القانون تطبيقاً لنص المادة ١٥١ من دستور جمهورية مصر العربية الصادر في سنة ١٩٧١م.
والتي نصت على أن رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات، ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان، وتكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة، وقد أكدت الاتفاقية سالفة الذكر في المادة الثامنة منها على أن تتعهد الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بأن تكفل الحق في الإضراب على أن يمارس طبقاً لقوانين الدولة المختصة.
ونلخص مما تقدم أن هذه الاتفاقية قد أباحت الإضراب ولا تستطيع مصر بعد أن صدقت عليها، أن تحظر الإضراب بشكل مطلق مع مراعاة أن الاتفاقية لم تفرق في نطاق مشروعية الإضراب بين عمال المرافق العامة وعمال القطاع الخاص وكل ما تستطيعه مصر هو تنظيم هذا الحق بعد أن أصبحت الاتفاقية جزءاً من التشريعات المصرية فإذا تعارضت مع قانون سابق فإنها تلقى هذا القانون السابق إلغاءاً ضمنياً، ومن هنا فإن أحكام الإضراب الواردة في قانون العقوبات قد ألغيت ضمناً اعتباراً من نفاذ هذه الاتفاقية، وبذلك أصبح الإضراب مشروعاً في مصر.
وتأييداً للاعتراف بالحق في الإضراب السلمي فقد نصت المادة ٦٤ من دستور سنة ۲۰۱۲ وكذلك المادة ١٥ من دستور سنة ٢٠١٤ على أن الإضراب السلمي حق ينظمه القانون، ومن هنا كان واجباً أن تتغير نظرة القاضي الإداري من اعتبار الإضراب عملاً مجرماً معاقب عليه إلى اعتباره حقاً مشروعاً، وهو ما تم فعلا في الغالب الأعم من الحالات، فيما عدا الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ٢٤٥٨٧ لسنة ٦١ قضائية .عليا والذي انتهت فيه المحكمة إلى عدم مشروعية الإضراب استناداً إلى أحكام الشريعة الإسلامية ومن تم تجاهلت إعمال الاتفاقية السابق الإشارة إليها والتي جعلت الإضراب حقاً استناداً إلى ضرورة توافق الاتفاقية مع أحكام الشريعة الإسلامية وهو الأمر المتحقق، كما تجاهلت دستوري ۲۰۱4،۲۰۱۲ واللذين بها على مشروعية الإضراب السلمي، وفيما هذا هذا الحكم الطردت الأحكام على الاعتراف بالإضراب السلمي إلا أنها لم تتجاهل معافيه الموظف عن الأفعال التي أقترنت بالأضراب وشكلت في ذات الوقت مخالفة تأديبية مستقلة عن المخالفة المتعلقة بالإضراب، فقد قرر الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 19485 لسنة 59 ق.عليا بجلسة 26/7/2015.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أنه يوجب دستور ۲۰۱۲ تم دستور ٢٠١٤ لم بعد الإضراب السلمي نتجه، بل صار من الحقوق الدستورية المكفولة لكل فئات العمال بغض النظر عن طبيعة الجهة التي يعملون بها أي سواء بالقطاع الحكومي أو العام أو الخاص، بمعنى أنه أصحى معترفا به كحق مشروع من حيث المبدأ، ومنع المشرع واجب تنظيمه، وسواء نشط المشرع أو لم ينشط التنظيم. ظيم هذا الحق على النحو الذي يستحقه شعب عظيم قام بتوريين - ثورة الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيه - فإن استعمال العمال لهذا الحق عليا لحقوقهم دون اصرار بالمرافق العامة، إنما هو استعمال مشروع الحق ثابت دستوريا ولا يستوجب عقابا، إذ أنه متى قرر الشارع حقا اقتضى ذلك حتما اباحة الوسيلة إلى استعماله، إذ يصدم المنطق أن يقرر الشارع حقا لم يعاقب على الأفعال التي يعمل بها، فيكون معنى ذلك تجريد الحق من كل قيمة وعصفا به كلية وتحريمها ومصادرة كاملة للحق ذاته.
وقد أكدت المحكمة الإدارية العليا في العديد من أحكامها على أن المشرع الدستوري قد أمر بالحق في الإضراب واعتبره أحمد الحقوق الدستورية للعامل المصري، ولم يقصر هذا الحق على العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل فقط، بل أصبح الإضراب السلمي حق الجميع العاملين بالدولة سواء بالجهات الإدارية والهيئات العامة أو بالقطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص.
بيد أن المشرع الدستوري لم يعتبر هذا الحق حقاً مطلقاً فارسة العامل بلا قيود أو شروط، وإنما أكد على أمرين أولهما أن الإضراب الذي أقره الدستور واعتبره حق للعامل هو الإضراب السلمي الذي يلجأ إليه العامل للتعبير عن حقوقه ومطالبة المشروعة، وذلك بتوفقه عن العمل، دون التأثير على سير وانتظام العمل داخل المرفق أو مكان العمل، ودون اللجوء إلى العنف بأي شكل من الأشكال، سواء بالقول أو بالفعل، فلا يجوز للعاملين المشاركين في الإضراب التعدى بالسب أو القذف على أي شخص أو مسئول أو استخدام ألفاظ خارجة تتنافى مع الآداب العامة، كما لا يجوز حمل أية أسلحة أو ذخائر أو أدوات تعرض الأفراد أو الممتلكات للضرر أو الخطر، كما يحظر عليهم الإخلال بالأمن أو النظام العام، أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه أو إجبار باقي العاملين ممن لم يشاركوا في الإضراب على التوقف عن العمل، أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذائهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم الحقوقهم وأعمالهم أو التأثير على سيرا ير العدالة أو المرافق العامة أو قطع الطرق أو المواصلات أو الاعتداء على الأرواح والممتلكات، أو تعريضها للخطر، ومن ثم فإن الإضراب غير السلمي لا بعد إضراباً ولا يمكن اعتباره حقاً يحميه الدستور، لأن الإضراب الذي أجازه المشرع الدستوري واعتبره حقاً هو الإضراب السلمي، أما الإضراب غير السلمي الذي يلجأ فيه العامل إلى العنف اللفظي أو الفعلى لا يعد إضراباً وإنما يندرج ضمن المخالفات والجرائم التي يتعين أن يحاسب العامل عنها تأديبياً وجنائياً.
وأما عن الأمر الثاني الذي أكده المشرع الدستوري في المادة (١٥) سالفة الذكر، هو أن القانون ينظم حق الإضراب السلمى، ومؤدى ذلك أنه يتعين أن يصدر قانون من السلطة التشريعية ينظم الحق في ممارسة الإضراب السلمي بحيث يتضمن تحديد نطاقه بأن يكون لجوء العامل إليه للمطالبة بحقوق ومطالب مشروعة مرتبط بوظيفته وعمله فلا يجوز أن يستخدم الإضراب كوسيلة للمطالبة بحقوق ومطالب غير مشروعة أو ليست لها صلة بوظيفة العامل أو جهة العمل، كذلك يتعين أن يحدد التشريع المنظم لحق الإضراب السلمي الشروط والإجراءات التي يتعين أن يسلكها العامل قبل اللجوء إلى الإضراب عن العمل، بأن يكون قد لجأ إلى الطرق والوسائل القانونية في عرض طلباته على جهة العمل ورغم ذلك لم تستجيب، وأن يخطر السلطة المختصة القائمة على إدارة المرفق العام بقيامه بالإضراب السلمي قبل الشروع فيه بوقت كافي، كما يتعين أن يتضمن هذا التشريع التزامات الجهة الإدارية والقائمين على إدارة المرفق باحترام حق العاملين في الإضراب وعدم مواجهة هذا الإضراب السلمي بالعنف أو بالتنكيل بالعامل بأى شكل من الأشكال، وأنه يتعين عليها التدرج في مناقشة العاملين المضربين في مطالبهم والتفاوض معهم، مع تحديد وقت زمنی محدد حسب طبيعة العمل بكل جهة، للنظر في طلبات العاملين والرد عليها وعدم التعسف بترك العاملين المضربين دون رد أو اللجوء إلى حرمانهم من أية حقوق أو مزايا وظيفية عقاباً على لجوئهم إلى الإضراب السلمى، مع ضرورة أن يضمن التشريع المقترح أخطار النقابات والاتحادات العمالية ذات الصلة لتكون طرفا في محاولة التقريب في وجهات النظر بين العاملين وجهة الإدارة أو صاحب العمل، كل هذا في إطار الحرص على حماية المصلحة العامة للدولة وحماية المرافق العامة، وضمان حصول العاملين على حقوقهم المشروعة، وأنه ولحين صدور هذا التشريع من السلطة التشريعية، فإن ما سبق ذكره يندرج ضمن القواعد والأصول العامة التي يفرضها المنطق السليم القائم على مراعاة طرفي العلاقة والموازنة بين المصلحة العامة للدولة وحق المجتمع وبين حقوق العامل وواجباته، ومن ثم فإذا التزم العامل بهذه الضوابط والأصول العامة عند ممارسته حقه في الإضراب السلمي، للتعبير عن مطالبه المشروعة فقام بإخطار الجهات المختصة على النحو المشار إليه، ولم يلجأ إلى العنف في سبيل عرض هذه المطالب ولم يؤثر على سير العمل وانتظامه بالمرفق العام أو بمكان العمل، فإنه يكون قد مارس هذا الحق في إطار من الشرعية الدستورية ويكون جديراً بالحماية، ومن ثم لا يجوز مساءلته تأديبياً عن ممارسته لهذا الحق المشروع.
ومن حيث إنه هدياً بما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن المخالفة المنسوبة للطاعنين والتي صدر الحكم المطعون فيه بمجازاتهم عنها بالفصل من الخدمة، تتحدد في أنهم قد أضربوا عن العمل بمكتب بريد أشمون خلال الفترة من 23/٢/۲۰۱٤ حتى 27/٢/٢٠١٤، وكان الثابت أن هذا الإضراب الذي أشترك فيه الطاعنين إضراباً سلمياً ولم يخرج عن الإطار السلمى ولم ينسب للعاملين المشتركين في هذا الإضراب لجوءهم للعنف بأي شكل من الأشكال، وكان الهدف من هذا الإضراب السلمي هو عرض مطالبهم المشروعة لتحسين أوضاعهم الوظيفية والمالية وذلك بتطبيق الحد الأدنى للأجور عليهم وإعادة هيكلة أجورهم، ولم يكن هذا الإضراب مقصور على العاملين بمكتب بريد أشمون الذي يعمل به الطاعنين وإنما كان على كافة مكاتب البريد على مستوى الجمهورية وبعلم الجهات المختصة بالهيئة القومية للبريد والتي استجابت لمطالب العاملين المضربين وذلك بإصدار القرار رقم ٤٢٥ لسنة ۲۰۱٤ بمنح جميع العاملين بالهيئة حافز إضافي بنسبة ٣٠% كما تم احتساب أيام الإضراب إجازة اعتيادية من رصيد إجازات الطاعنين، وهو ما يستدل منه على مشروعية مطالب العاملين كما خلت الأوراق والتحقيقات من ثمة ما يفيد أنه قد ترتب على الإضراب الذي أشترك فيه الطاعنين تعطيل سير العمل بالمكتب، لأن الإضراب كان جزئياً وكان يوجد عدد من الموظفين لتسيير أعمال المكتب خلال أيام الإضراب، وذلك على النحو الثابت بكشوف الحضور والانصراف عن أيام الإضراب، وهذا ما أكدته الشهادة الصادرة من نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد المؤرخة 1/۲/۲۰۱5 والمرفقة بالأوراق والذي أكد فيها على أن "الهيئة القومية للبريد تشهد بأنه لم يقع عليها أي أضرار أو خسائر بشأن إضراب موظفى بريد أشمون منطقة بريد جنوب المنوفية خلال شهر فبراير ٢٠١٤ لأن الإضراب كان إضراباً جزئياً وقد روعي فيه سير العمل وتحقيق مصلحة الهيئة والعملاء، كما تشهد الهيئة بأن الإضراب كان إضراباً مهنياً وليس له له أى علاقة بأى تنظيم سياسي.. ولم يتقدم أحد من العملاء بأى شكوى للهيئة تفيد بتعطيل مصلحته ولا يقدح في ذلك القول بأن بعض المواطنين قد تقدموا بشكاوى إلى النيابة الإدارية ضد العاملين المضربين بمكتب بريد أشمون لتعطيل مصالحهم، لأن ذلك مردود عليه بأن الثابت من الأوراق أن ذات الموطنين الذين سبق وتقدموا بتلك الشكاوى ضد الطاعنين إلى النيابة الإدارية قد عدلوا عن شكواهم وتقدموا بتنازل عن تلك الشكاوى إلى النيابة الإدارية بيد أن النيابة الإدارية لم تعيد سماع أقوال هؤلاء المواطنين بعد تنازلهم عن شكواهم، وقد انتهت تحقيقاتها إلى إدانة الطاعنين، ومن ثم تكون هذه التحقيقات قد جاءت مشوبة بالقصور والنقص، وقد ساير الحكم المطعون فيه تحقيقات النيابة الإدارية دون فحص أو تمحيص ومتى كان ذلك، وكان الطاعنون قد مارسوا حقهم المشروع دستورياً في الإضراب الجزئي عن العمل لعرض مطالبهم المشروعة لتطبيق الحد الأدنى للأجور عليهم وإعادة هيكلة أجورهم، وقد كان هذا الإضراب سلميا، ولم ينسب إلى العاملين المضربين أى خروج على القانون، وبالتالي لا يعد الاشتراك في هذا الإضراب مخالفة أو جرم يستوجب مجازاة الطاعنين عنه تأديبياً، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف هذا المذهب، فإنه يكون قد صدر مخالفاً لصحيح حكم القانون، وهو ما يتعين معه القضاء بإلغائه والقضاء مجدداً ببراءة الطاعنين مما نسب إليهم مع ما ترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم، ومن خلال استعراض التطور التشريعي الحق الإضراب وذلك على النحو المشار إليه، وإذ حرصت كافة الدساتير المصرية على التأكيد على أن الإضراب السلمي حق ينظمه القانون، لذا فإن المحكمة تهيب بالمشرع سرعة التدخل لتنظيم حق العاملين في الدولة في ممارسة حق الإضراب السلمى عن العمل، وذلك تنفيذاً لينود الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي وقعت عليها مصر وتنفيذاً لنص المادة (١٥) من دستور سنة ۲۰۱٤ سالفة الذكر، فعلى الرغم من أن قانون العمل الصادر بالقانون رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳ قد تناول تنظيم حق الإضراب السلمي للعاملين الخاضعين لأحكام هذا القانون، إلا أن قانون الخدمة المدنية الجديد والصادر بالقانون رقم ۸۱ لسنة ۲۰۱٦ قد خلا من تنظيم حق الإضراب السلمي للعاملين المدنيين بالدولة، الأمر الذي تهيب معه المحكمة بالمشرع سرعة إدخال تعديل تشريعي على هذا القانون يتناول تنظيم حق الإضراب السلمي بما يتفق مع حكم المادة (١٥) من دستور سنة ٢٠١٤ سالفة الذكر وبمراعاة الضوابط والمعايير التي حرصت المحكمة على تناولها بحيثيات هذا الحكم، إذ أن تنظيم هذا الحق من شأنه أن ينظم العلاقة بين هؤلاء العاملين والجهات الإدارية وذلك بما يضمن حقوق العامل وفي الوقت نفسه يضمن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد.
الإدارة العامة لمباحث مكافحة التهرب
من الضرائب والرسوم
(5)
حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعون أرقام ۷۹۲۹، ٨٤٨٧، ٨٦٨٥،٨٤٨٨ لسنة ٤٨ ق.ع
بجلسة ١٨ فبراير ٢٠٠٦
الضمانات المقررة للموظف العام في مرحلة التحقيق الإداري
ومن حيث إنه عن المبادئ المقررة في قضاء هذه المحكمة أن التحقيق الإداري لا يكون مستكملاً لمقوماته الموضوعية بغير توافر مبدأين أساسيين المبدأ الأول هو مبدأ المواجهة بالاتهام وتحديده في المكان والزمان والمبدأ الثاني هو تحقيق دفاع المتهم على نحو يوضح بجلاء مدى مسئوليته عن المخالفة.
وبغير هذين المبدأين أو أحدهما يغدو التحقيق باطلاً لا يمكن أن يرتب أثرا في توقيع الجزاء على المتهم ومبدأ تحقيق الدفاع هو مبدأ جوهري لإمكان نسبه المخالفة بوضوح للمتهم وهو ينضم بصورة أو بأخرى مع مبدأ كفالة حق الدفاع للمتهم فكفالة حق الدفاع تعني إتاحة الفرصة للمتهم للاستعانة بكافة الوسائل لإثبات براءته والإخلال بهذا المبدأ يمكن إثارته في سائر مراحل الطعن على قرار الجزاء أو محاكمة المتهم تأديبيا بشرط تحقيق دفاعه أيضاً فتحقيق الدفاع يعني قطع خط الرجعة على المتهم في نفي ما أثبته الواقع من نسبة الالتهام إليه وهذا لا يتأتى إلا بتنفيذ دفاعه ومواجهته بالأقوال التي من شأنها تثبت الاتهام في حقه وبالدلائل على أن دفاعه عن نفسه لا يجد صدى في الواقع أو القانون ولا يجوز للمحقق أن يكتفي بمواجهة المتهم بالاتهام ويسجل دفاع المتهم عن نفسه ثم يسند الاتهام إليه من واقع أدلة أو أقوال شهود لم يتم مواجهة المتهم بهم فالمواجهة بين المتهم والشهود أو الأدلة هو عنصر أساسي في تحقيق دفاع المتهم في إظهار أن دفاعه لا يصمه أمام حقائق الواقع أو نصوص القانون وهذا الأمر يغدو جوهريا إذا كانت الاتهامات تحمل في ذاتها عناصر فنية لا يمكن لغير المتخصصين الفصل فيها مثلما هو الحال في الطعون الماثلة وحتى تكون النيابة الإدارية ومن بعدها المحكمة التأديبية على بيئة من صحة أو بطلان الاتهامات يجب أن يكون تحقيق دفاع الطاعنين جليا واضحا من خلال مواجهة الشهود بالمتهمين وإمكان استخلاص عناصر الاتهام من القوانين أو القرارات أو التعليمات التنفيذية حتى يكون الاتهام الموجه لهم واضحاً مستكملاً لأركان عناصره.
ومن حيث إنه بتطبيق هذا الفهم على واقعات الحكم المطعون فيه فإن البين من الأوراق أن عقب وصول شكوى إلى رئيس قطاع الشهر العقاري ضد مأمورية شهر المطرية تم إحالتها. للتفتيش الفني للتحقيق فيها وتم التحقيق فيها بمعرفة المعين عمر إسماعيل أحمد وقد انتهى التحقيق إلى ثبوت بعض المخالفات في حق الطاعنين إلا أن التحقيق اكتفى بسماع دفاع الطاعنين ولم يتم تحقيق أي من دفاعهم إلا في مذكرة التحقيق حيث جاءت المذكرة مفيدة لأقوالهم في التحقيق ومنتهية إلى ارتكابهم للمخالفات وبعد إحالة الموضوع للنيابة الإدارية وبعد مواجهة الطاعنة والطاعن الآخرين بذات الاتهامات قررت الطاعنة في ص ٢٦ من تحقيقات النيابة الإدارية أنه توجد خصومة بينها وبين المفتش سالف البيان وقامت باتهام أحد المراجعين المساحين بتحشير أرقام طلبات على أصل البحث الهندسي للطلب (۲۷ من ذات التحقيقات) وقد تبين للنيابة الإدارية أثناء سير التحقيق وجود قرار برقم ٤٩٩ لسنة ۱۹۹۸ بتشكيلها لجنة لفحص أوراق الموضوع وطلبت النيابة الإدارية معرفة ما انتهت إليه اللجنة المذكورة في عملها وأوضح أحد أعضاء اللجنة المخالفات التي شابت عمل الطاعن على نحو واضح وجود مخالفات أخرى غير تلك التي تم التحقيق فيها بمعرفة التفتيش الفني وظهر دافع جديد يتعلق بوجود جزء من الأرض محل التصرف صدر حكم بوضعها تحت الحراسة بمعرفة المدعي الاشتراكي كما ظهر وجود مخالفة لحظر كان مفترضا على الأرض لصالح بنك ناصر الاجتماعي ويظهر من الاطلاع على تقرير اللجنة المذكورة أنها استخرجت هذه المخالفات من ملف العملية دون سماع أقوال الطاعنين ولم تقم النيابة الإدارية عند مواجهة الطاعنين للمرة الثانية بإبراز نتيجة هذا التقرير الصادر عن اللجنة والذي حدد مخالفات الطاعنين لم تقم بمواجهتهم بهذا التقرير وإنما قامت باستبعاد بعض نقاط من نتيجة عمل اللجنة واكتفت النيابة الإدارية بإتباع دفاع الطاعنين عن نفسهم دون تمحيص هذا الدفاع بمعرفة عمل رئيس أو أعضاء اللجنة لاستبيان وجه الحق فيه كما لم تقم بمواجهة الشهود وهم أعضاء اللجنة بالطاعنين لا مكان استخلاص وجه الحقيقة في أقوال الطاعنين خاصة وأن المخالفات تدور حول مسائل فنية شديدة التعقيد لا يستطيع فهما إلا المتخصصين وفي غياب توضح صحيح لهذه المخالفات لا تستطيع المحكمة أن تمحص صحة الاتهامات أو أن تقوم بالرد على مذكرات ومستندات الطاعنين وهو ما قامت به المحكمة التأديبية فعلا التي اكتفت بالأخذ بأقوال أعضاء اللجنة دون النظر إلى أقوال الطاعنين ومستنداتهم لأن هذه الأقوال والمستندات تتناول مسائل فنية لا يمكن للمحكمة الإلمام بها الآن من خلال إظهار وجه الحق في دفاع الطاعنين عن طريق الجهة الفنية التي ينعونها ومن خلال مواجهة الشهود بالطاعنين والرجوع إلى القوانين والتعليمات المنظمة لعملية الشهر وهو ما لم تقم به المحكمة لأن ما ورد إليها اتهامات خاصة بالطاعنين لم يتم تحقيق دفاعهم بشأنها على نحو صحيح من قبل النيابة الإدارية فجاء التحقيق قاصرا في استكمال مقوماته واستجلاء حقيقة الاتهامات المنسوبة إليهم وأصبح التحقيق مجرد تسجيل لاتهامات فوجئ للطاعنين وردودهم الفنية على هذه الاتهامات على نحو لا يصلح سندا لإقامة الدعوى التأديبية قبلهم حيث إن من مقومات الدعوى التأديبية الصحيحة أن تقوم على تحقيق صحيح مستكمل الأركان وهو ما لم يحدث بما يستوجب الأمر معه إلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار الصادر بإقامة الدعوى التأديبية ضد الطاعنين على أن تقوم النيابة الإدارية باستكمال التحقيق في ضوء المستندات والأقوال الثابتة في مذكرات دفاع الطاعنين ومواجهتهم بشهود الإثبات وتحقيق سائر أوجه دفاعهم وتحديد الاتهامات الموجهة إليهم بعد الرد على حججهم ولها بعد ذلك اتخاذ قرارها بإقامة الدعوى التأديبية أو حفظ الاتهام أو أن توكل للجهة الإدارية توقيع الجزاء المناسب عليهم.
(6)
حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ٥٧٣٠ لسنة ٥٥ ق.ع، بجلسة ٦ فبراير ٢٠١٠
محمية جزيرة القرصاية - الموازنة بين الحفاظ على الحالة الطبيعية للمحمية واعتبارات حفظ السلم والأمن الداخلي للبلاد
وحيث إن المستفاد مما تقدم أن الدستور هو القانون الأساسي الأعلى، وهو موثل الحريات والحقوق العامة، وبين روافده ضمانات حمايتها، وتحدد أحكامه السلطات العامة ووظائفها وحدود نشاطها، وبأحكامه تخضع الدولة في مباشرة سلطتها للقانون، والذي غدا مبدأ أصوليا يقوم عليه النظام القانوني المصري، ويمثل بذاته أساسا لنظام الحكم، وقد حرص الدستور المصري الحالي شأنه في ذلك شأن ما سبقه من دساتير على احترام حقوق الأفراد، وقد أفصحت وثيقة الدستور - صراحة عن أن كرامة الفرد انعكاس طبيعي لكرامة الوطن باعتبارها حجر الأساس الذي تقوم عليه الجماعة الوطنية المصرية.
وحيث إن حقوق الأفراد وحرياتهم وعلى رأسها حق المواطن في السكن، وحقه في العمل قد أوردها الدستور تقريرا، والتزمت الدولة بكفالتها، وتناولها المشرع بالتنظيم في إطار حاصله أن لكل حق من الحقوق أوضاعا يقتضيها منحه، وآثارا تترتب عليه، مع التزام يقع على عاتق سلطات الدولة كل حسب اختصاصه الدستوري بتسهيل الحصول عليه، وبما لا يخل بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، وبما يستقيم مع كون الدولة هي القوامة على مصادر الثروة والتزامها بإشباع الحاجات العامة عن طريق المرافق العامة التي تقوم على إدارتها، وكلها تدخل في نطاق المال المملوك للدولة والأشخاص الاعتبارية العامة.
وحيث إن الملكية العامة هي تلك الأموال المملوكة للشعب المصري بجميع طوائفه، وتقوم الدولة والأشخاص الاعتبارية المختلفة على أمرها في ظل حماية تحول دون إهدارها أو التفريط فيها، أو استخدامها في غير وجه المصلحة العامة، وتشارك الملكية العامة مع الملكية الخاصة والملكية التعاونية في الدور الاجتماعي للمال، وتكون جميعها مصادر الثروة القومية، وإذا كان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد تواتر على أن الملكية في إطار النظم الوضعية التي تراوح بين الفردية وتدخل الدولة لم تعد حقا مطلقا ولا عصية عن التنظيم التشريعي، وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها، ومن ثم ساغ تحميلها بالقيود التي تتطلبها وظيفتها الاجتماعية، وهي وظيفة لا يتحدد نطاقها من فراغ، ولا تفرض نفسها تحكما بل عليها مراعاة طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي رصدها عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعي معين، في بيئة بذاتها، لها مقوماتها وتوجهاتها.(المحكمة الدستورية العليا القضية رقم ١٤ لسنة ١٥ ق دستورية بجلسة 6/٧/۱۹۹٦)، والمال المملوك للدولة يكون عاما حال تخصيصه للنفع العام بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص، ويكون خاصا لها التصرف فيه وإدارته شأنها في ذلك شأن الأفراد، وكلاهما أدوات تستخدمها الدولة لتحقيق وجه المصلحة العامة لأفراد الشعب والحفاظ على السلام الاجتماعي بين طبقات المجتمع مهما اختلفت احتياجاتها وتعاظمت رغبتها في استخدامه والدولة في جميع الحالات واجب عليها أن تضع قصد تحقيق الأرباح من استخدامه سببا تاليا في الأهمية لإشباع الحاجات العامة للمواطنين والمحافظة على استقرار المجتمع، تدعيما لمفهوم الأمن القومي الذي لا يتحقق واقعا ملموسا إلا بالرضاء العام، وهو سبيل تدعيم الانتماء والولاء كرباط مقدس بين المواطن والأرض التي ينتمي إليها ماديا ومعنويا.
وحيث إن نهر النيل كان ومازال شريان الحياة لمصر والمصريين، ارتوی شعبه من مياهه وتكونت من ترسيبات مياهه الأرض الخصبة التي عاش عليها الإنسان زارعا مستقرا على ضفتيه، والنيل من قبل ومن بعد مؤذن الحضارة المصرية التليدة التي لم يقف نورها وتطورها عند المصريين، وإنما كانت ملهما الحضارات نشأت في أنحاء العالم المختلفة تفاعلا وتأثرا.
وحيث إن جمال نهر النيل لم يقف عند حد واديه من منبعه إلى مصبه في حدود مصر الشمالية، وإنما بجزر يزدان بها تناثرت كاللؤلؤ المنثور على صفحته البيضاء، معلنة أن عطاء الله لمصر والمصريين قد امتد إلى داخل مياه النهر أرضا خضراء تعطي زارعيها طيب الزروع وعاطر الهواء، وهي والنهر العظيم إلهام للأدباء والشعراء، وفرض واجب على الشعب والدولة حمايته امتدادا لحكمة قدماء المصريين حكاما ومحكومين أقسموا على احترامه ونظافته وسهولة جريان مياهه حتى مصبه.
وحيث إنه سيرا على هذا الاتجاه وتدعيما له فقد تدخل المشرع احتراما لمكانة نهر النيل بإصدار التشريعات المتعاقبة لحمايته من عبث العابثين، وآية ذلك القانون رقم ١٢ لسنة ١٩٨٤ الذي حمل الأراضي المحصورة بين جسري النيل - أيا كان مالكوها - بقيود تشريعية، منها عدم جواز إجراء أي عمل أو إحداث حفر من شأنه تعريض الجسور للخطر أو التأثير في التيار تأثيرا يضر بهذه الجسور إلا إذا كان ذلك بناء على ترخيص من وزارة الري، كما صدر القانون رقم ۱۰۲ لسنة ۱۹۸۳ في شأن المحميات الطبيعية وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٢٦٤ لسنة ١٩٩٤ بالشروط والقواعد والإجراءات الخاصة بممارسة الأنشطة في مناطق المحميات وقرار رئيس الوزراء ١٩٦٩ لسنة ۱۹۹۸، وجميعها أكدت على أن المحمية الطبيعية هي كل مساحة من الأرض أو المياه الساحلية أو الداخلية بها ميزة وجود كائنات حية (نباتات أو حيوانات أو أسماك أو ظواهر طبيعية ذات قيمة ثقافية أو علمية أو سياحية أو جمالية)، ووسد المشرع إلى رئيس مجلس الوزراء تحديد هذه المحميات بناءً على اقتراح جهاز شئون البيئة وقد حظرت المادة الثانية من قانون المحميات الطبيعية القيام بأي أعمال أو تصرفات أو أنشطة من شأنها تدمير أو إتلاف أو تدهور البيئة الطبيعية، وحظر المشرع على وجه الخصوص إقامة المباني أو المنشآت أو شق الطرق أو تسيير المركبات، وقد قرن قرار رئيس الوزراء رقم ٢٦٤ لسنة ۱۹۹٤ التصريح بإقامة المباني بضرورة المحافظة على طبيعة المنطقة وعدم الإضرار بالحياة البحرية أو البرية أو النباتية أو القيمة الجمالية للمحمية.
وتنفيذا لأحكام القانون رقم ۱۰۲ لسنة ۱۹۸۳ صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ١٩٦٩ لسنة ۱۹۹۸ باعتبار الجزر الواقعة داخل مجرى نهر النيل بشمال ووسط وجنوب الوادي وقناطر الدلتا وفرعي رشيد ودمياط محميات طبيعية، وقد وردت جزيرة القرصاية تحت رقم (۹۲) بالكشوف المرفقة بقرار رئيس مجلس الوزراء، ووصفها بأنها مساحة (١١٧,٥) فدان ونوع الإشغال زراعات تقليدية ومباني منشآت سياحية والجهة المالكة (أملاك دولة) وعدد السكان (۱5۰۰ نسمة)، وهو الأمر الذي يقطع بأن قرار رئيس مجلس الوزراء قد صدر محددا في نطاق السلطة المخولة له للنشاط القائم وهو النشاط الزراعي، وأن هذا النشاط كان ضمن عناصر تقدير اعتبار جزيرة القرصاية محمية طبيعية، وقد سبق لرئيس الوزراء تأكيد هذا النظر بقراره رقم ٨٤٨ لسنة ۲۰۰۱ والمتضمن عدم إخلاء أي مبنى من المباني السكنية المقامة بجزيرتي الذهب والوراق بمحافظة الجيزة، ولا يجوز التعرض الحائزي الأراضي الزراعية في الجزيرتين، وهو قرار يمثل تحقيق وجه المصلحة العامة من جانب الدولة المتمثل في المحافظة على أمن وسلامة واستقرار قاطني هذه المحميات على مصدر رزقهم.
وحيث إن جميع التشريعات الصادرة بشأن المحميات الطبيعية من حيث تعريفها وتحديدها تقطع بقيام هدف تشريعي حاصله عدم المساس بالحالة الطبيعية والبيئية التي تكون عليها المحمية عند صدور القرار باعتبارها كذلك، وهذا الهدف تدور حوله وفي نطاقه جميع الإجراءات والاشتراطات الخاصة بالمحميات الطبيعية.
وحيث إن الثابت من أوراق الطعن رقم ٦٥٨٥ لسنة ٥٥ ق. ع أن المطعون ضدهم والخصوم المتدخلين معهم يحوزون أرضا زراعية ثابت فيها النشاط الزراعي المزروعات تقليدية تقع داخل جزيرة القرصاية، وأن علاقة قانونية كانت قائمة بين المذكورين والهيئة العامة للإصلاح الزراعي تتمثل في قيام الأخيرة بتحصيل مقابل الانتفاع وصرف مستلزمات الإنتاج الزراعي للأراضي والمساحات الواردة تفصيلا في المستندات المقدمة من المطعون ضدهم والخصوم المتدخلين كما تضمنت أوراق الطعن إيصالات سداد كهرباء ومقايسات كهرباء لميان خاصة بالمذكورين المقيمين داخل الجزيرة، وكل ذلك مؤيد بإيصالات سداد من مصلحة الضرائب العقارية، ويبين من التقرير المعد عن جزيرة القرصاية المقدم ضمن حافظة مستندات الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية أنه قد ورد للهيئة كتاب النيابة الإدارية للزراعة والري بخصوص تحقيقات تجريها بمناسبة قيام بعض رجال الأعمال بردم جزء من مجرى نهر النيل لإنشاء جزيرة على مساحة (6أفدنة) شرق جزيرة القرصاية، كما ورد للهيئة في 24/٦/٢٠٠٧ الكتاب رقم ۱۲۰٥١ من الأمانة العامة لوزارة الدفاع رقم 14/۱٦/۲۱۷ في 21/٦/۲۰۰٧ بشأن التوجيهات الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء في 21/5/۲۰۰۷ بخصوص جزيرة القرصاية بمحافظة الجيزة، وعلى ضوء توصيات الاجتماع المنعقد بمقر وزارة الدفاع في 7/٦/۲۰۰١ بحضور الأجهزة المختصة بالدولة، والمنتهي إلى إخطار جميع المتعاملين بعدم تجديد تأجير الأراضي الزراعية بعد 30/۱۰/۲۰۰۷، كما قدم المطعون ضدهم صورة من خطاب صادر عن السكرتير العام المساعد بمحافظة الجيزة لم تنكره أو تجحده الجهة الإدارية يفيد بأن أحد الأمراء من دولة خليجية قدم طلبا لإقامة مركز سياحي متكامل على مساحة (۱۰۰۰۰۰ متر) بجزيرة القرصاية جنوب كوبري الجيزة، وأن محافظ الجيزة وجه بدراسة إمكانية تدبير مساكن بديلة لقاطني الجزيرة.
كما يبين من مذكرة الهيئة المشار إليها والمرسلة إلى هيئة قضايا الدولة أن الهيئة تتولى إدارة واستغلال والتصرف في أراضي طرح النهر، وتمارس سلطات المالك مع وزارة الري طبقا لأحكام القانون رقم 7 لسنة ۱۹۹۱ في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة، وأشارت المذكرة إلى أنه قد ورد للهيئة كتاب وزير الزراعة مرفق به مذكرة محافظ الجيزة بشأن استغلال أرض جزيرة القرصاية لإقامة مركز سياحي عالمي، وعمل بحث اجتماعي لسكان الجزيرة بغرض النظر في إمكانية تعويضهم عن النشاط الاقتصادي مصدر رزقهم، وأن الهيئة قد قامت بتجديد ثلاثة عقود لغير المطعون ضدهم، وتم انتهاء مدتها، وأعلنت الهيئة أسفها عن التجديد للعقود المنتهية في 27/۹/۲۰۰۷ بناء على التوجيهات الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء.
كما أوضحت بعض الصور الفوتوغرافية المقدمة ضمن حافظة المستندات المقدمة من المطعون ضدهم بجلسة 7/۳/۲۰۰۷ عن قيام بعض أفراد القوات المسلحة باقتحام الجزيرة ولم تنكر جهة الإدارة ذلك، على الرغم من أن المادة الثالثة من القانون رقم 7 السنة ۱۹۹۱ بشأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة تقضي بأن تتولى الهيئة العامة المشروعات التعمير والتنمية الزراعية إدارة واستغلال والتصرف في أراضي استصلاح واستزراع الأراضي وأراضي البحيرات وأراضي طرح النهر، وتمارس عليها سلطات المالك في كل ما يتعلق بشئونها، ولا شك أن من هذه الأراضي أرض المحميات الصادر بتحديدها قرار مجلس الوزراء رقم ۱۹6۹ لسنة ۱۹۹۸، وقد وسدت أحكام القانون رقم ١٠٢ لسنة ۱۹۸۳ (المادة 4)، وقانون البيئة رقم 4 لسنة ١٩٩٤ (المادة ۲) إلى جهاز البيئة الإشراف على المحميات واقتراح أية أنشطة عليها.
ولا خلاف على أن كل ما تقدم يقطع بأن تدخل وزارة الدفاع وغيرها من الجهات الأخرى بشأن التصرفات الخاصة بأرض الجزيرة يمثل تدخلا غير مبرر، وأن انصياع الهيئة المذكورة المتمثل في إخطار المستأجرين بعدم تجديد عقودهم معها لا يقوم على سبب صحيح من القانون، كما أن ما يدور في خلد الجهة الإدارية وأفصحت عنه الأوراق من وجود مشروع استثماري بدعوى تحقيق المصلحة العليا للدولة وتغيير الوجه الحضاري أمر يتعارض كلية مع أحكام قانون المحميات الطبيعية والقرارات المنفذة له، والتي تقطع بأن الهدف الأساسي من ذلك التشريع هو المحافظة على الحالة الطبيعية للمحمية عند صدور قرار باعتبارها كذلك، وأن كل تدخل بأي نشاط مخالف أو إقامة أي مشروعات ومبان في أي محمية مشروعيته رهينة بموافقة رئيس مجلس الوزراء، ولا يترتب على هذه الموافقة أي تغيير في الحالة الطبيعية والبيئة الثابتة واقعا للمحمية.
وحيث إنه ولما كانت أوراق الطعن تقطع بأن النشاط الزراعي والصيد يسودان على أرض محمية جزيرة القرصاية، وأن المطعون ضدهم والخصوم المتدخلين قد أقاموا مجتمعا زراعيا وتجاريا يعتمد على حرفتي الزراعة والصيد بتلك المحمية، فضلا عن وجود بعض المشروعات السياحية الصغيرة، كما ورد تفصيلا بقرار رئيس مجلس الوزراء المنشئ للمحمية الطبيعية (جزيرة القرصاية)، فمن ثم يكون مسلك الجهة الإدارية بالامتناع عن تجديد عقود الإيجار أو تقرير حق الانتفاع الواضعي اليد من سكان جزيرة القرصاية مشوبا بعدم المشروعية؛ لانحرافه عن الالتزام بغاية المصلحة العامة القومية والحفاظ على البيئة الطبيعية للجزيرة كما أفرزتها الطبيعة أرضا خصبة داخل مجرى النهر.
ولا يحاج على ذلك بما سطره دفاع الجهة الإدارية من وجود رغبة في التطوير للجزيرة سياحيا؛ بحسبان أن كل تطوير محكوم بالمحافظة على البيئة الزراعية للجزيرة، ولا يتنافى معه العمل على استقرار سكان الجزيرة بوضعهم الحالي يمارسون مهنتهم الأصلية بزراعة الأرض وصيد الأسماك وغير ذلك من المهن التجارية الصغيرة التي كانت تحت نظر رئيس الوزراء عند إصدار قراره رقم ١٩٦٩ لسنة ۱۹۹۸ بإنشاء المحمية ضمن الإطار العام والذي يرتبط وصف تلك المحمية ببقائه.
كما لا يحاج على ما تقدم بوجود اعتبارات للأمن القومي تقتضي عدم تجديد عقود الإيجار وطرد سكان الجزيرة بحسبان أن واجب الدولة الأساسي حفظ السلم والأمن الداخلي، وأن تراعي فيما يصدر عنها من قرارات وإجراءات ما يحفظ أمن المواطنين وسلامتهم ومصادر رزقهم المشروعة، وهي أمور في مجملها برهان على قوة الدولة وقدرتها على ضبط الشعور العام للمواطنين، كما أنها تعبر عن الوجه الأمثل للمحافظة على هيبة الدولة وأنها القوامة على تحقيق المصلحة العامة لأفراد الشعب، وفي الصدارة طبقات الشعب التي اتخذت من حرفة الزراعة حرفة أصلية ومستقرا لها يرتبط بالمكان ارتباطا وثيقا لا يغني عنه تدبير مسكن أو غير ذلك من الوسائل، ولا خلاف على أن ربط فكرة المحافظة على الأمن القومي بإقامة مشروع سياحي لا يستقيم مع علو فكرة الأمن القومي، كما أن المحافظة على مصالح الأفراد الخاصة في إطار المصلحة العامة يمثل أرقى مظاهر المحافظة على الأمن القومي والتعبير الحقيقي عن قدرة الدولة على ترسيخ مبدأ المواطنة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تجديد العلاقة القانونية بينها وبين واضعي اليد على أرض جزيرة القرصاية، فإنه يكون قد التزم بصحيح حكم القانون والواقع، وأصاب وجه الحق، ويضحى الطعن الماثل غير قائم على سنده الصحيح في الواقع والقانون خليقا بالرفض.
(7)
حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ۹۷۲۹ لسنة ٤٧ ق.ع. بجلسة ٤ يوليو ٢٠٠٤
الإضرار بالبيئة المائية
ومن حيث إن .... الترخيص السياحي يصدر عن إنشاء المنشأة السياحية أو إقامتها، كما يصدر أيضاً عن إدارة واستغلال منشأة سياحية قائمة ومما لا شك فيه أنه في حالة الترخيص من وزارة السياحة في إنشاء أو إقامة منشأة سياحية جديدة لم تبن ويتم إنشاؤها بعد (كالفنادق العائمة والبواخر السياحية) فإنه وإن كان لا يوجد في القانون رقم 1 لسنة ۱۹۷۳ المشار إليه ولائحته التنفيذية ما يلزم صدور الترخيص السياحي قبل ترخيص وزارة الري في إقامة العائمة إلا أن طبيعة الأغراض المرجوة من الترخيص السياحي وتحديد شروط ومواصفات المنشآت السياحية تستلزم أن تصدر موافقة وزارة السياحة أولاً وهذا ما أكدته المادة ٤٢ من اللائحة التنفيذية للقانون رقم ٤٨ لسنة ۱۹۸۲ في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث سالفة الذكر والتي اشترطت الحصول على موافقات الجهات الأخرى المختصة وإرفاقها ضمن المستندات التي ترفق بطلب الترخيص في إقامة العائمة.
أما في حالة الترخيص في إدارة واستغلال المنشأة السياحية، فإنه من الطبيعي أن تكون المنشأة قد تم بناؤها وإقامتها، ومن ثم فإن ترخيص الاستغلال السياحي لها يتعين أن يرد على باخرة تم الترخيص لها من الجهات المختصة فالترخيص السياحي يسمح بمزاولة النشاط السياحي فقط أما بناء السفينة طبقا للرسم الهندسي المعتمد لها ومطابقتها للشروط والمواصفات المقررة قانونا ومدى سلامتها من الناحية الفنية للملاحة فمحله ترخيص إقامة الباخرة الصادر من الإدارة الملاحية النهرية المختصة، فهذا الترخيص شهادة أو دليل على سلامة وقانونية إقامة الباخرة وعلى ذلك فإنه لا يجوز أن يرد الترخيص السياحي على باخرة مقامة بالمخالفة للقوانين الخاصة بالري والصرف وحماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث، ومن ثم فإن وإن لم يرد نص صريح في القانون رقم 1 لسنة ۱۹۷۳ ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم ۱۸۱ لسنة ۱۹۷۱ المشار إليهما سلفا يحتم في حالة الترخيص في الاستغلال والإدارة للمنشأة السياحية أن تكون مقامة على نحو صحيح مطابقة للقانون، فإنه يتعين بحسب طبيعة هذا الترخيص بالمقارنة بالترخيص بالإنشاء أو إقامة المنشأة السياحية غير الموجودة ووفقا لمقتضيات الشرعية وسيادة القانون الحاكمة لتصرفات الجهات الإدارية المختلفة - فإنه يتعين على السلطة القائمة على إجراء الترخيص بوزارة السياحة لإدارة واستغلال المنشآت السياحية الخاضعة للقانون رقم 1 لسنة ١٩٧٣ التحقق من شرعية إقامة الباخرة قبل إصدار ترخيص الاستغلال السياحي لها.
ثالثا: استيفاء الباخرة السياحية بيانات نموذج التصنيف البيئي المقرر للمنشآت التي تخضع للتقييم البيئي ومنها المنشآت السياحية طبقا للمعايير والمواصفات والأحكام المنصوص عليها في القانون رقم ٤ لسنة ۱۹۹٤ بإصدار قانون في شأن البيئة وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم ۳۳۸ لسنة ۱۹۹5 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون البيئة المشار إليه بشأن حماية البيئة المائية من التلوث وعلى نحو ما جاء بالمحلق رقم (۱) من ملاحق اللائحة التنفيذية. للقانون رقم ٤ لسنة ۱۹۹٤ في شأن البيئة مع مراعاة الأحكام المنصوص عليها في القانون رقم ٤٨ لسنة ۱۹۸۲ بشأن حماية نهر النيل ولائحته التنفيذية طبقا لما نص عليه هذا الملحق.
ومن حيث إن القوانين سالفة الذكر والتي تخاطب الجهات الإدارية المعنية وأصحاب الشأن من مالكي العائمات قد نصت على عقوبات جنائية في حالة مخالفة أحكامها ولم يرد في تلك النصوص العقابية نص يقضى في حالة الإدانة بعقوبة تبعية بعدم تزويد العائمات المخالفة بالمرافق العامة كتوصيل التيار الكهربائي أو تزويدها بالمياه وغيرها إلا أن ذلك لا يعنى تزويد المنشآت السياحية بتلك الخدمات وإنما يشترط سبق حصول مالك العائمة على التراخيص الموضحة سلفا ويجب على الجهات الإدارية المختصة القائمة بإدارة واستغلال المرافق المذكورة التحقق من ذلك لأنه بحكم اللزوم لا يستفيد من يخالف أحكام القوانين المنوه بها سلفاً من خطئه، كما أن ذلك يعد من مسلسل الضبط الإداري المفترض والتي لا حاجة معه لجهة الإدارة إلى نص.
فضلاً عن أن الثابت من مطالعة نصوص القوانين سالفة الذكر أنها أناطت بجهات إدارية مختلفة مستقلة بعضها عن البعض الآخر ممارسة اختصاصات محددة لكل منها وأن لكل جهة ممارسة الاختصاص المنوط بها دون حاجة إلى استئذان أو مصادقة الجهة الأخرى ومن ثم فإنه نزولا على مقتضيات حسن الإدارة والمبادئ العامة الحاكمة للضبط الإداري في نطاق الشرعية وسيادة القانون فإن ذلك يقتضي مراعاة اعتبارات التعاون والتنسيق بين الجهات الإدارية المعنية كل فيما يخصها تفادياً لحدوث تضارب في القرارات الصادرة منها وحتى يكون أداء العمل الإداري مستكملاً دون خلال أو نقصان ومستهدفا غاية المصلحة العامة.
وعلى ذلك يكون لزاما على الجهة الإدارية وهي القوامة على حسن سير المرافق العامة ألا تمد المنشآت السياحية المخالفة لأحكام القوانين أنفة الذكر وأماكن رسوها على شاطئ النيل بخدمات الكهرباء والمياه وغيرها حتى لا تشجع أصحابها على التمادي في انتهاك أحكام القانون والإضرار بالبيئة المائية بما يخل بالأهداف التي يسعى المشرع إلى تحقيقها بحماية نهر النيل وفرعية والمجاري المائية إلا أن مناط استعمال الجهة الإدارية لهذه الرخصة أن تثبت المخالفة يقينا وهو ما لا يتحقق إلا بصدور حكم جنائي بالإدانة تأمر فيه المحكمة بإزالة أسباب المخالفة إذ لا يصلح في هذه الحالة أن تمد الجهة الإدارية العائمات المخالفة بتلك الخدمات ثم تسعى بعد ذلك لإزالتها تنفيذا لأمر المحكمة، إذ قد يفسر مسلكا في إمداد المنشآت السياحية المخالفة بالخدمات المشار إليها على أنه تسامح ضمني من جانبها عن إزالة المخالفة، وهو غير جائز قانونا - أما إذا تقاعست الجهة الإدارية عن إثبات المخالفة وتحرير محضر بذلك واتخاذ إجراءات وقف أسبابها وتقديم المخالف إلى المحاكمة الجنائية لتقضى المحكمة بالإدانة وتأمر بإزالة أسباب المخالفة طبقا للقانون واستمرت الجهة الإدارية في تقاعسها إلى حين انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وهى في هذه الحالة ثلاث سنوات من تاريخ اقتراف المخالفة باعتبار أن الجرائم المنصوص عليها في تلك القوانين من قبيل الجنح، فإن الامتناع عن إمداد المنشآت السياحية بتلك الخدمات يكون غير قائم على سبب يبرره حيث لم يصدر حكم جنائي يثبت المخالفة ويقضى بالإدانة أو يأمر بإزالة المخالفة على النحو الذي رسمه القانون.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم - فإن الالتزام بإمداد المنشآت السياحية والمراسي بالمرافق العامة آنفة الذكر يدور وجوداً وعدماً مع حصول مالك المنشأة على التراخيص المتطلبة قانونا وبمدى استمرارية موافقة الجهات الإدارية المختصة بإصدار التراخيص على تجديد تلك التراخيص.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع النزاع الماثل فإنه لما كان الثابت من مطالعة الأوراق أن الطاعن هو مالك الباخرة السياحية طيبة ستار) وإذ خلت الأوراق من ترخيص إقامة هذه الباخرة وكان الثابت صدور قرار رئيس المجلس الأعلى المدينة الأقصر برقم ٣٢٥ لسنة ١٩٩٦ في 28/٥/۱۹۹٦متضمنا نقل الإشغالات المخالفة التي تعوق استخدام المراسي بكورنيش النيل بالأقصر دون سند إلى مواقع خارج المحطات المخصصة لرسو الفنادق السياحية العائمة، ومن بين تلك المنشآت المطاعم العائم "طيبة ستار" (موضوع التداعي) - والموقع المنقول إليه هو الجهة الشمالية لمنزل المرسى الخاص بالكوبري. كما خاطب رئيس المجلس الأعلى للأقصر وزير الأشغال العامة والموارد المائية بكتابه رقم ۷۹۰ المؤرخ في 12/۸/۱۹۹۷، متضمنا أن وزارة السياحة بالتنسيق مع مدينة الأقصر تقوم بتطوير مراسي كورنيش النيل ومقترحاً نقل الإشغالات التي تشكل جزءا كبيرا من هذه المراسي ومن بينها العائمة "طبيبة ستار" والمكان المطلوب نقلها إليه هو شاطئ النيل بالعشى شمال فندق أبو ظبي، أجابه بكتابه برقم صادر ٢٤٥٩ في 2/۱۱/۱۹۹۷ بأنه بخصوص العائمة «طيبة ستار» تبين عدم حصولها على تراخيص من الإدارة العامة لحماية النيل بجنوب الوادي.
وقد تم إنذار صاحب العائمة المذكورة مع منحه مهلة عشرين يوماً ورغم مضى هذه المدة فإنه لم يتم النقل، بل قام بعض أصحاب العائمات المطلوب نقلها بإرسال شكاوى للتضرر من قرار النقل وإنه على الرغم من عدم حصول هذه العائمات على التراخيص قد تم تزويدها بالمرافق والخدمات من كهرباء ومياه وتليفونات، وإنه يمكن فصل المرافق عن العائمات المذكورة حتى يمكن امتثالها لقرارات النقل (حافظة مستندات هيئة قضايا الدولة المودعة أمام محكمة بندر الأقصر الجزئية بجلسة 22/۲/ ۱۹۹۸ في الدعوى رقم ۱۳۸۷ لسنة ۱۹۹۷ مدني جزئي).
ومن حيث إنه بالرغم مما تقدم، فإن الثابت من أوراق الطعن أن الإدارة العامة لحماية وتطوير نهر النيل (جنوب الوادي بإسنا) قامت بإصدار ترخيص تسيير للباخرة السياحية المطعم العالم - طيبة ستار يصرح بموجبه للعائمة بالسير بالمجرى المائي أو الرسو بالمرسى الكائن على كورنيش النيل بالأقصر - أمام البنك الأهلي وذلك لمدة عام اعتبارا من ١٦/10/١٩٩٦حتى 15/10/ ۱۹۹۷ طبقا للمادة ٤٢ من اللائحة التنفيذية للقانون رقم ٤٨ لسنة ۱۹٨٢ سالف الذكر ثم قامت تلك الإدارة بتجديد تراخيص تسيير العائمة المذكورة كل عام حتى تاريخ 23/٥/۲۰۰٤ طبقا للصور الضوئية من رخص التسيير المؤقتة المرفقة بالأوراق، كما ثبت أيضاً أن مالك الباخرة السياحية مثار النزاع الماثل كان يضع يده على المرسى الدائم الذي ترسو به الباخرة بالعنوان سالف الذكر.
وقد وافقت الإدارة المركزية للملكية والتصرف بوزارة الزراعة وإدارة أملاك الدولة بالأقصر بربط مساحة ١٦ س ٣ ط - ف تعادل مساحة ۷۰5م2 بالموقع المذكور باسم الطاعن ومخصص له أيضاً هذا الموقع من مجلس مدينة الأقصر، وتم تزويد هذا المرسى بخدمات التيار الكهربائي والمياه والتليفونات.
كما وافقت الإدارة الهندسية بمجلس مدينة الأقصر على توصيل المياه إلى تلك الباخرة وكذا توصيل الصرف الصحي المرسى الباخرة وبناء على ذلك قام الطاعن بالتقدم بطلب اشتراك مياه بإدارة شبكة المياه بحي جنوب مدينة الأقصر وسداد الرسوم المقررة وتم عمل مقايسة عن توصيل المياه، كما ثبت من مطالعة محضر اللجنة المشكلة لمعاينة أعمال توصيل الصرف الصحي من العائمة المشار إليها المؤرخ في 21/6/۲۰۰۳ أنه قد تم توصيل الصرف الصحي للعائمة على الشبكة العمومية للصرف الصحي لمدينة الأقصر وإذ تبت أيضاً تقدم الطاعن بطلب إلى الإدارة العامة لحماية النيل بإسنا بطلب للترخيص له في ترميم المرسى المشار إليه فخاطبت تلك الإدارة الإدارات المعنية إدارة الدفاع المدني - إدارة البيئة بالقاهرة - الإدارة الصحية - إدارة الآثار - معهد بحوث النيل بالقاهرة - مدير شبكة المياه والصرف الصحي بمجلس مدينة الأقصر فوافقت غالبية تلك الإدارات وأنه لا مانع لديها من السير في إجراءات الترخيص عدا إدارتي الدفاع المدني والمياه.
كما منحت الإدارة العامة للتراخيص بوزارة السياحة الطاعن ترخيص منشأة سياحية برقم ۱۱۷۲ في 20/۲/ ۱۹۹5 ثم منحته تصريحاً مؤقتاً لمنشأة سياحية لمباشرة النشاط السياحي العام خلال الفترة من 17/۹/۲۰۰۰ حتى ٢٣/١٠/٢٠٠٠ ثم وافقت على تمديد العمل بهذا الترخيص لمدد أخرى حتى يوليو ۲۰۰٤ كما ثبت أيضاً أنه تم ملء بيانات التصنيف البيئي (ب) بشأن مشروع المرسى السياحي أنف الذكر بمعرفة الطاعن واعتماده من قبل الإدارة العامة لحماية النيل بالأقصر وتم إرساله إلى الرئيس التنفيذي الجهاز شئون البيئة بوزارة الدولة لشئون البيئة بموجب كتاب سكرتير عام المجلس الأعلى لمدينة الأقصر المؤرخ في 27/۷/۲۰۰۳ فأفاد بكتابه رقم صادر ٤١٦٣ في 1/٩/٢٠٠٣ أنه بعد مراجعة النموذج تبين أن المشرع قائم ويعمل دون الحصول على الموافقة المسبقة من الجهاز وعلى أن يتم معاينة النشاط والتفتيش عليه بمعرفة الجهة الإدارية المانحة للترخيص للتأكد من مطابقته الأحكام القانون رقم ٤ لسنة ۱۹۹٤ في شأن البيئة ولائحته التنفيذية.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن إدارة الملاحة النهرية المختصة قامت بمنح الطاعن تراخيص تسيير مؤقتة في إطار سلطتها التقديرية طبقاً لحكم المادة ٦ من القانون رقم ٤٨ لسنة ۱۹۸۲ في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية والمادة ٤٣ من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور، وحيث إن إصدار رخصة تسيير مؤقتة يعنى بحكم اللزوم وجود شهادة إنشاء الباخرة وباعتبارها من ضمن المستندات المتطلبة لإصدار تلك الرخصة، فضلاً عن أنه مما لا شك فيه أنه من واجب الجهات المختصة والمخاطبة بأحكام القانون المشار إليه أن تتحقق من شرعية وجود كل عائمة بالنيل وإجراء التفتيش الدوري لها ومعاينتها على الطبيعة للتحقق من حالتها ومدى سلامتها من الناحية الفنية والقانونية، كما يجب على السلطة القائمة على إجراء التراخيص بوزارة السياحة قبل إصدار الترخيص بالمنشأة السياحية أن تتحقق من شرعية إقامة الباخرة السياحية وأنه مرخص فيها ومن ثم فإن استمرار الجهات الإدارية المعنية في إصدار التراخيص للعائمة ملك الطاعن وحتى لو قدرت منح الطاعن تلك التراخيص المؤقتة الموضحة سلفاً، فإن هذه التراخيص تسبغ الشرعية على المرسى والباخرة محل الترخيص السياحي المؤقتة الموضحة سلقا، وإذ افتقرت الأوراق عن أي مستند يكشف عن أية مخالفة ثابتة بيقين في حق الطاعن بناء على دليل قاطع قبله، كما خلت أوراق الطعن من أي دليل على صدور حكم جنائي بإدانة الطاعن عن أية مخالفة لأي من القوانين المنوه بها سلفا أو صدور قرار إداري بسحب أي من التراخيص الممنوحة للطاعن أو إلغائه كما لم تقدم جهة الإدارة دليلاً على أنها اتخذت ضد الطاعن أية إجراءات لإثبات مخالفة منسوبة إليه وتحرير محاضر بشأنها وتقديمه للمحاكمة الجنائية، بل إن الجهة الإدارية أمدت المرسى المخصص للطاعن بالتيار الكهربائي والمياه والخدمة الهاتفية، وحيث إن تزويد الباخرة السياحية المذكورة بالمياه النقية ضرورة لإدارتها واستغلالها سياحيا ومن ثم يكون قرار الجهة الإدارية السلبي المطعون فيه بالامتناع عن تركيب عداد مياه بالمطعم العائم (طيبة ستار) المملوك للطاعن غير قائم على سبب صحيح في الواقع أو القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه، مع ما يترتب على ذلك آثار، ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب خلاف هذا المذهب، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون ومن ثم يكون واجب الإلغاء.
(8)
حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ٨٤٥٠ لسنة ٤٤ قضائية بجلسة ١٧ فبراير ۲۰۰۱
حظر دخول النفايات المستوردة
حق الإنسان في العيش في بيئة صحية نظيفة أضحى من الحقوق الأساسية التي تتسامى في شأنها وعلو قدرها ومكانتها مع الحقوق الطبيعية الأساسية ومنها الحق في الحرية والحق في المساواة - الوثائق الدستورية الحادة حرصت على تضمين نصوصها أحكاما تؤكد ذلك - إعلان استكهولم الصادر سنة ۱۹۷۲ أكد على أن هذا الحق ضمان أساسي لتوفير الحياة الكريمة للإنسان في وطنه ويقابله واجب الالتزام بالمحافظة على هذه البيئة والعمل على تحسينها للأجيال الحاضرة والمستقبلة - تقرير الميثاق الأفريقي الحقوق الإنسان والشعوب في بيئة مرضية وشاملة وملائمة لتنميتها إنما هو حرص أكد على الحفاظ على البيئة خشية اختلال ميزان المصالح الحساب الدول المتقدمة التي قد تطغى على الدول النامية الأقل قدرة على الدفاع عن مصالحها في هذا الشأن - انضمام مصر لاتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود في 22/۳/۱۹۸۹وصدور قانون البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة ١٩٩٤ دليل على إدراك الدول لأهمية كفالة حق الإنسان المصري في العيش في بيئة صحية مناسبة - المادة (۳۲) من قانون البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة ۱۹۹٤ - حظرت استيراد النفايات الخطرة أو السماح بدخولها أو مرورها في أراضي جمهورية مصر العربية - إرفاق مصر بموافقتها على اتفاقية بازل ثلاثة إعلانات متضمنا الإعلان الثاني منها فرض مصر حظرا شاملا على استيراد كافة النقابات الخطرة أو غيرها من النفايات والتخلص منها داخل إقليم جمهورية مصر العربية واشتمال الإعلان الثالث على تأكيد مصر وغيرها من الدول الموقعة على عزمها القوى على التخلص من النفايات في بلد المنشأ مع التعهد بعدم السماح بأية واردات وصادرات للنفايات إلى البلدان التي تفتقر إلى الخبرة القانونية والإدارية والتقنية على إدارة النفايات والتخلص منها على نحو سليم بينيا - اشتمال الحق الأول لهذه الاتفاقية على قائمة بفئات النفايات التي يتعين التحكم فيها ومنها التي يدخل في تركيبها ۳۱Y الرصاص ومركبات الرصاص - جهاز شئون البيئة هو المنوط به طبقا لقانون البيئة المشاركة في إعداد خطة تأمين البلاد من شرب المواد والنفايات الخطرة والملوثة للبيئة - اعتراض الجهاز على دخول الرسالة المستوردة الى البلاد لكونها بما تحويه من تراب الرصاص تعد من النفايات الخطرة التي يحظر استيرادها وإدخالها البلاد - جهاز شئون البيئة هو الجهاز الفني المتخصص بتقدير هذا الأمر - ثبوت خطورة النقابات المستوردة - وجوب حظر دخولها ولو كان قد سمح من وزارة الاقتصاد باستيرادها إذ إن هذه الموافقة لها مجالها ونطاقها فلا تتعداهما بحيث يلزم دائما وأبدا موافقة جهاز شئون البيئة المؤمن على تطبيق أحكام التشريعات المتعلقة بحماية البيئة - صحة القرار الصادر من الجهة الإدارية بعدم السماح بدخول الرسالة المستوردة المشار إليها - رفض طلب التعويض لانتفاء ركن الخطأ في حق الجهة الإدارية.
(9)
حكم محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم ۲۲٦٧٩ لسنة ٥٣ قضائية بجلسة ۲۷ مارس ۲۰۱۰
التأثير البيئي للمنشآت الصناعية
ومفاد ما تقدم من نصوص، أن قانون تنظيم المحال التجارية والصناعية قد أستلزم الحصول على ترخيص لإدارة المنشآت الصناعية ويغلق كل محل يدار بدون ترخيص وكذلك فإن قانون البيئة رقم 4 لسنة ١٩٩٤ ينص على تولي الجهة الإدارية المانحة للترخيص قياس التأثير البيئي للمنشأة وفقا للمعايير والأسس التي يصدرها جهاز شئون البيئة وكذلك فإن القانون يقضى بأنه يشترط أن يكون الموقع الذي يقام عليه المشروع مناسبا لنشاط المنشأة بما يضمن عدم تجاوز الحدود المسموح بها لملوثات الهواء وكذلك يقضي بأن تلتزم المنشأة الخاضعة لأحكام ذلك القانون في ممارستها لأنشطتها بعدم انبعاث أو تسرب الملوثات بما يجاوز الحدود القصوي المسموح بها وكذلك ينص القانون على أنه يجب عند حرق أي نوع من أنواع الوقود البخارية لا يتجاوز البخار الناتج عن ذلك الحدود المسموح بها قانونا.
وحيث إنه في ضوء ما تقدم، وإذ كان البين من الأوراق أن المدعى يدير مصنعا للطوب الحراري بمنطقة العبايدة بمركز الصف، وأن قرار إزالته قد استند إلى هذة أسباب منها إدارته بدون ترخيص بذلك من الجهة المختصة، ووقوعه داخل الكتلة السكنية ومجاورته لإحدى مدارس التعليم الأساسي، كما أثبت جهاز شئون البيئة أن الانبعاثات الناشئة عن نشاط المصنع تتجاوز الحدود المسموح بها قانونا، وإذ لم يقدم المدعي أدلة دامغة على انقضاء هذه الأسباب جميعا - بحسبان أن أحدها فقط يصلح لحمل القرار - ومن ثم يكون القرار الطعين قد صدر محمولا على أسبابه المبررة له وممن يملك إصداره على نحو يستوجب رفض الطعن عليه لعدم قيامه على أساس من واقع أو قانون.
(۱۰)
حكم محكمة القضاء الإداري في الطعن رقم ۲۸۹۲۸ لسنة ٥٨ قضائية بجلسة ٧ مايو ۲۰۱۳
حظر إلقاء المخلفات الصلبة والسائلة أو الغازية والناتجة من عمليات الصرف وغيرها في المجاري المائية
ومن حيث أن مفاد ما تقدم أن المشرع في القانون رقم ٤٨ لسنة ۱۹۸۲م حظر صرف أو إلقاء المخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية من العقارات والمحال والمنشئات التجارية والصناعية والسياحية ومن عمليات الصرف وغيرها في مجاري المياه إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة الري وفقا للضوابط والمعايير والمواصفات المحددة في هذا الشأن وإنه في حالة مخالفة هذه المعايير والمواصفات الواردة في هذا الشأن خطرا فوريا على تلوث مجاري المياه يخطر بها صاحب الشأن بإزالة الأعمال المخالفة أو تصحيحها في الميعاد الذي تحدده وزارة الري وإلا قامت وزارة الري باتخاذ إجراءات الإزالة أو التصحيح بالطريق الإداري على نفقة المخالف وذلك دون إخلال بحق الوزارة في إلغاء الترخيص وقد نقل هذا الاختصاص من وزارة الري إلى وزارة الأشغال العامة والموارد المائية بموجب القانون رقم 4 لسنة ١٩٩٤م في شأن البيئة سالفة الذكر.
ومن حيث إنه وهديا بما سبق والثابت من الأوراق والمستندات أن الشركة التي يمثلها المدعي تلقي مياه الصرف الصناعي عن طريق مواسير خارجية من المصنع المملوك لها والكائن بناحية كفر حكيم - مركز إمبابة - الجيزة في مصرف كفر حكيم ك ٥٠٠، وهو ما يمثل تلوث لمياه الصرف، لذلك قام مهندس صرف هندسة المنصورية بالإدارة العامة لصرف الجيزة التابعة الوزارة الأشغال والموارد المائية والري بتحرير محضر مخالفة قيد برقم ١١ لسنة ٢٠٠٣ في ۲۰۰۳/۱/۲۹ ضد الشركة التي يمثلها المدعي بصفته كما هو ثابت بديباجة القرار المطعون فيه والمتضمن إزالة هذا التعدي، مما يضحى معه القرار المطعون فيه قد صدر وفقا لحكم القانون ويضحى طلب إلغائه حريا بالرفض لاسيما وان المدعي بصفته لم يقدم الترخيص اللازم لصرف المخلفات الخاصة بشركته وفقا للقانون رقم ٤٨ لسنة ۱۹۸۲ م وطبقا للمادة من القانون رقم ١٢ لسنة ۱۹۸٤م والمشار إليهما سلفا ومن ثم يكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إزالة التعديات المتمثلة في إلقائه للصرف الصناعي بمصرف كفر حكيم صادرا وفقا لأحكام القانون، وتضحى معه الدعوى الماثلة فاقدة لأساسها القانوني مما يتعين معه والحالة تلك القضاء برفضها.
(۱۱)
فتوي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بتاريخ 13/7/2009، ملف رقم : 58/1/196
مدى جواز تعيين خريجة في وظيفة معيد بشعبة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية رغم فقدها لحاسة الإبصار
تم عرض الموضوع على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة في ١٧ من يونيو سنة ۲۰۰٩م، الموافق ٢٤ من جمادى الآخر سنة ١٤٣٠ هـ، فاستعرضت قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم ٤٩ لسنة ۱۹۷۲ الذى ينص في المادة (۱۳۱) منه على أن " يعين في الكليات والمعاهد التابعة للجامعة معيدون ومدرسون مساعدون يكونون نواة أعضاء هيئة التدريس فيها، ويقومون بالدراسات والبحوث العلمية اللازمة، للحصول على الدرجات العلمية وسواها من الأعمال تحت إشراف أعضاء هيئة التدريس وبالأعمال الأخرى التي يكلفهم بها العميد ومجلس القسم المختص وفي المادة (١٣٥) منه على أن «يشترط فيمن يعين معيداً أو مدرساً مساعداً أن يكون محمود السيرة حسن السمعة».
وفي المادة (۱۳۷) على أن مع مراعاة حكم المادتين ١۳5،۱۳۳ من هذا القانون يجوز أن يعين المعيدون عن طريق التكليف من بين خريجي الكلية في السنتين الأخيرتين الحاصلين على تقدير جيد جدا على الأقل في كل من التقدير العام في الدرجة الجامعية الأولى، وفي تقدير مادة التخصص أو ما يقوم مقامها، وتعطى الأفضلية لمن هو أعلى في التقدير العام وعند التساوى في التقدير العام تعطى الأفضلية لمن هو أعلى في مجموع الدرجات، مع مراعاة ضوابط المفاضلة المقررة في المادة (۱۳٦ ) من هذا القانون وفى المادة (١٤٨) على أن على المعيدين والمدرسين المساعدين بذل أقصى جهد في دراساتهم وبحوثهم العلمية في سبيل الحصول على الماجستير أو الدكتوراه أو ما يعادلها، وعليهم القيام بما يكلفون به من تمرينات ودروس علمية وغيرها من الأعمال على أن يراعى في تكليفهم أن يكون بالقدر الذي يسمح لهم بمواصلة دراساتهم وبحوثهم دون إرهاق أو تعويق".
وفي المادة (١٥٠) على أن على المعيدين والمدرسين المساعدين تلقى أصول التدريس والتدريب عليه وفق النظام المقرر وفى المادة (۱5۱) على أن "على المعيدين والمدرسين المساعدين المشاركة في أعمال المؤتمرات العلمية للكلية أو المعهد والمؤتمرات العلمية للأقسام، وذلك وفقاً للأحكام المقررة في اللائحة التنفيذية وفي المادة (١٦٠) على أن الرئيس الجامعة إعفاء العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس من شرط اللياقة البدنية كلها أو بعضها بعد أخذ رأى المجلس الطبي (القومسيون).
كما استعرضت الجمعية العمومية الوثائق الدولية التي عنيت بحماية الأشخاص ذوى الإعاقة، ومنها الإعلان الصادر في 9/۱۲/۱۹۷5 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة برقم ٣٤٤٧ في شأن حقوق المعوقين والاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص ذوى الإعاقة الموقعة في نيويورك بتاريخ 30/۳/۲۰۰۷ والتي وافقت عليها مصر بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم ٤٠٠ لسنة ۲۰۰۷ وصدق عليها مجلس الشعب في 11/۳/۲۰۰۸ والتي عرفت الأشخاص ذوى الإعاقة بأنهم كل من يعانون من عاهات طويلة الأجل بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسية تجعلهم عاجزين بصفة كلية أو جزئية عن أن يؤمنوا بأنفسهم ما يكون ضرورياً لحياتهم سواء كأفراد وعلى صعيد مظاهر حياتهم الاجتماعية أو هما معا.
واذ أكدت تلك الوثائق أن من حقوق المعوقين التي ينبغى ضمانها حقهم الأصيل في صون كرامتهم الإنسانية وحمايتهم من ألوان المعاملة المهنية أو التعسفية أو التمييزية وكذلك من كل استغلال، ودون إخلال بتمتعهم بالحقوق الأساسية التي يمارسها غيرهم من المواطنين الذين يماثلونهم عمراً، وهو ما يعنى في المقام الأول حقهم في حياة لائقة تكون طبيعية، وكاملة قدر الإمكان، أياً كانت خصائص عوائقهم أو مناحي قصورهم أو مصدرها أو درجة خطورتها، وعدم حرمان المعوقين من حقوقهم المدنية والسياسية ولا من الرعاية الطبية والنفسية ولا من التدابير التي تتوخى تمكينهم من الاعتماد ذاتياً على أنفسهم، ولا من الحق في تعليمهم وتدريبهم وتأهيلهم مهنياً بما يطور ملكاتهم وقدراتهم، وبما يكفل دمجهم في مجتمعاتهم، وتمتعهم كذلك بالحق في الأمن - اقتصاديا واجتماعيا - وفى الحصول على عمل مع ضمان استمراره، وبالحق في مزاولة مهن منتجة ومجزية على قدم المساواة مع الآخرين. كما حظرت هذه الوثائق التمييز على أساس الإعاقة فيما يختص بجميع المسائل المتعلقة بكافة أشكال العمالة، ومنها شروط التوظيف والتعيين والعمل، واستمرار العمل، والتقدم لشغل الوظائف وظروف العمل الآمنة والصحية.
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أن اللياقة الصحية المتطلبة لشغل وظيفة معينة تدور وجوداً وعدماً مع شروط شغلها والمهام التي يوكل القانون إلى شاغلها القيام بها، ولما كانت. الشروط المتطلبة لشغل وظيفة معيد عن طريق التكليف أن يكون المتقدم لشغلها محمود السيرة حسن السمعة وأن يكون من أوائل الخريجين على دفعته الحاصلين على تقدير جيد جداً على الأقل في كل من التقدير العام في الدرجة الجامعية الأولى وفى تقدير مادة التخصص أو ما يقوم مقامها، وأن هذه الوظيفة تتطلب من شاغلها - باعتبارها بداية السلم الوظيفي المؤهل لشغل وظائف أعضاء هيئة التدريس بالجامعة القيام بالدراسات والبحوث العلمية اللازمة للحصول على درجتي الماجستير ثم الدكتوراة، والقيام بما يعهد به إليه القسم المختص من التمرينات والدروس العلمية تحت إشراف أعضاء هيئة التدريس، وتلقى أصول التدريس والتدريب وفقا للنظام المقرر لذلك، والمشاركة في أعمال المؤتمرات العلمية للكلية أو المعهد والمؤتمرات العلمية للأقسام، فمن ثم يتعين أن تتوافر فيمن يشغل هذه الوظيفة اللياقة الصحية الكافية لأداء المهام المشار إليها.
ولما كانت المهام سالفة الذكر لا تتطلب لأدائها سوى التفوق العلمي للمتقدم لشغل هذه الوظيفة في الدرجة الجامعية الأولى وفى مادة التخصص باعتبار أن هذه المهام تعتمد في الأساس على القيام بالدراسات والبحوث العلمية في ذات التخصص الذي نجح فيه الخريج بتفوق، وكذلك تدريس مواد هذا التخصص للطلاب، وهو ما يتعين معه القول بأن اللياقة الصحية المتطلبة لشغل وظيفة معيد لا تزيد بأي حال عن اللياقة الصحية التي تمكن الطالب من النجاح في سنوات الدرجة الجامعية الأولى والحصول على أعلى التقديرات متفوقاً في ذلك على أقرانه، ومن ثم فإنه إذا توافرت في المتقدم لشغل هذه الوظيفة الشروط الأخرى المتطلبة قانونا بخلاف اللياقة الصحية فإنه لا يجوز حرمانه من شغلها لأي سبب آخر. كما استظهرت الجمعية العمومية أن الدستور قرر مبدأ المساواة أمام القانون، وكفل تطبيقه على المواطنين كافة، باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، وعلى تقدير أن الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلاً في صون حقوق المواطنين وحريتهم في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها. وأضحى هذا المبدأ في جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال إعمالها كذلك، إلى تلك التي كفلها المشرع للمواطنين، في حدود سلطته التقديرية، وعلى ضوء ما يرتئيه محققاً للصالح العام.
وانه لما كان من المقرر أن صور التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون وذلك سواء بإنكار أصل وجودها، أو تعطيل أو انتقاص آثارها، بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين قانوناً للإنتفاع بها، وبوجه خاص على صعيد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وغير ذلك من مظاهر الحياة العامة.
ولما كانت المعروضة حالتها قد تخرجت من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية دور مايو ۲۰۰۸ بتقدير عام ممتاز مع مرتبة الشرف وكان ترتيبها الخامس على قسم الاقتصاد بالكلية وإذ قررت الجامعة تكليف سنة معيدين بالقسم المشار إليه من ضمن خريجي الدور المشار إليه فمن ثم يكون من حق المعروضة حالتها التعيين في وظيفة معيد في هذا القسم باعتبار أن ترتيبها الخامس من بين السنة الذين وقع عليهم الاختيار.
ولا ينال من ذلك أن المعروضة حالتها فاقدة الحاسة الإبصار إذ أن إعاقتها البصرية لم تحل دون تفوقها العلمي على مدار سنوات الدراسة المتعاقبة، وحصولها على أعلى التقديرات متفوقة في ذلك على أقرانها المبصرين بما يؤهلها لشغل وظيفة معيد، فضلاً عن أن استبعاد المعروضة حالتها من التعيين في تلك الوظيفة استناداً إلى إعاقتها البصرية بعد منافياً لمبدأ المساواة في تولى الوظائف العامة، وتمييزاً غير مبرر ضدها بالرغم من توافر شروط شغل الوظيفة فيها.
وغنى عن البيان أن الإعاقة البصرية لم تكن حائلاً دون التعيين في وظائف أعضاء هيئة التدريس منذ إنشاء الجامعة المصرية في بدايات القرن الماضي، بل والوصول إلى أعلى المناصب الجامعية حيث تم تعيين الدكتور طه حسين عضوا بهيئة الدريس بكلية الآداب جامعة القاهرة - بالرغم من إعاقته البصرية وتم تعيينه عميدا للكلية، ثم عين فيما بعد رئيسا لإحدى الجامعات المصرية في بداية الأربعينيات من القرن الماضي.
(۱۲)
فتوي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلسة 25/۳/۲۰۲۰، ملف رقم : 78/٢/١٦٩
مدى جواز تجديد تصاريح ممارسة نشاط المناجم والمحاجر داخل محمية وادى الجمال في ضوء قرار مجلس إدارة جهاز شئون البيئة بجلسته رقم ٤٦ المعقودة بتاريخ 28/1/۲۰۱۹ بعدم الموافقة على ممارسة هذا النشاط داخل المحمية، وفى ضوء استقرار المراكز القانونية المكتسبة للحاصلين على تصاريح ممارسة هذا النشاط.
الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة بتاريخ ٢٥ من مارس عام ۲۰۲۰ م الموافق الأول من شعبان عام ١٤٤١ هـ؛ فتبين لها أن المادة (٤٥) من الدستور تنص على أن تلتزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية . ويحظر التعدي عليها، أو تلويتها، أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها ...، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون.. وأن المادة الأولى من القانون رقم (۱۰۲) لسنة ۱۹۸۳ في شأن المحميات الطبيعية تنص على أن: " يقصد بالمحمية الطبيعية في تطبيق أحكام هذا القانون أي مساحة من الأرض أو المياه الساحلية أو الداخلية تتميز بما تضمه من كائنات حية نباتات أو حيوانات أو أسماك أو ظواهر طبيعية ذات قيمة ثقافية أو علمية أو سياحية أو جمالية ويصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح جهاز شئون البيئة بمجلس الوزراء"، وأن المادة الثانية منه تنص على أن: "يحظر القيام بأعمال أو تصرفات أو أنشطة أو إجراءات من شأنها تدمير أو إتلاف أو تدهور البيئة الطبيعية أو الإضرار بالحياة البرية أو البحرية أو النباتية، أو المساس بمستواها الجمالي بمنطقة المحمية.... كما يحظر إقامة المباني أو المنشآت أو شق الطرق أو تسيير المركبات أو ممارسة أي أنشطة زراعية أو صناعية أو تجارية في منطقة المحمية، إلا بتصريح من الجهة الإدارية المختصة وفقًا للشروط والقواعد والإجراءات التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء"، وأن المادة الثالثة منه تنص على أنه: "لا يجوز ممارسة أي أنشطة أو تصرفات أو أعمال أو تجارب في المناطق المحيطة بمنطقة المحمية والتي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص بناء على اقتراح جهاز شئون البيئة بمجلس الوزراء، إذا كان من شأنها التأثير في بيئة المحمية أو الظواهر الطبيعية بها، إلا بتصريح من الجهة الإدارية المختصة، وأن المادة (۲) من قانون البيئة الصادر بالقانون رقم (٤) لسنة ١٩٩٤ تنص على أن ينشأ برئاسة مجلس الوزراء جهاز الحماية وتنمية البيئة يسمى جهاز شئون البيئة وتكون له الشخصية الاعتبارية العامة، ويتبع الوزير المختص بشئون البيئة، وتكون له موازنة مستقلة..."، وأن المادة (٥) منه المعدلة بموجب القانون رقم (۹) لسنة ۲۰۰۹ - تنص على أن: "يقوم جهاز شئون البيئة برسم السياسة العامة وإعداد الخطط اللازمة للحفاظ على البيئة وتنميتها ومتابعة تنفيذها بالتنسيق مع الجهات الإدارية المختصة... وللجهاز في سبيل تحقيق أهدافه ... إدارة المحميات الطبيعية والإشراف عليها..."، وأن المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (٢٦٤) لسنة ١٩٩٤ بشأن الشروط والقواعد والإجراءات الخاصة بممارسة الأنشطة في مناطق المحميات الطبيعية المعدلة بقراره رقم (۲۷۲۸) لسنة ۲۰۱۵ تنص على أنه: "لا يجوز إقامة المباني أو المنشآت أو شق الطرق أو تسيير المركبات أو ممارسة أي أنشطة زراعية أو صناعية أو تجارية في مناطق المحميات الطبيعية، إلا بتصريح من جهاز شئون البيئة وفقا للشروط والقواعد الآتية: (أ) أن تكون إقامة المباني أو المنشآت أو شق الطرق الصالح تطوير المحمية، وألا يكون من شأن النشاط المصرح به الإضرار بطبيعة المنطقة أو بالحياة البرية أو البحرية أو النباتية أو القيمة الجمالية للمحمية (ب) أن تتفق الأنشطة المصرح بممارستها مع نوعية وتصنيف المحمية، وأن يتوفر لها عوامل السلامة والأمان ضد المخاطر المختلفة، وألا يكون من شأنها تعريض المنطقة للتلوث أو التدمير، وذلك على النحو الذي يحدده جهاز شئون البيئة. (ج)..."، وأن المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ١٤٣ لسنة ٢٠٠٣ بشأن إنشاء محمية طبيعية بمنطقة وادى الجمال - حماطة بمحافظة البحر الأحمر تنص على أن: « تعتبر محمية طبيعية في تطبيق أحكام القانون رقم ۱۰۲ لسنة ۱۹۸۳ المشار إليه منطقة وادي الجمال - حماطة بمحافظة البحر الأحمر والموضحة بالخريطة المرفقة...»، وأن المادة الثانية منه تنص على أن يتولى جهاز شئون البيئة مباشرة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم ۱۰۲ لسنة ۱۹۸۳ والقانون رقم 4 لسنة ١٩٩٤ المشار إليهما بالنسبة لمنطقة المحمية»، وأن المادة الثالثة منه تنص على أن: "يحظر القيام بأعمال أو تصرفات أو أنشطة أو إجراءات من شأنها تدمير أو إتلاف أو تدهور البيئة الطبيعية، أو الإضرار بالحياة البرية أو البحرية أو النباتية أو المساس بمستواها الجمالي بمنطقة المحمية، ويحظر على وجه الخصوص ما يلي... إتلاف أو نقل أو تغيير التكوينات الجيولوجية أو الجغرافية أو الآثار أو النقوش التاريخية بالمحمية... تلويث تربة أو مياه أو هواء منطقة المحمية بأي شكل من الأشكال وكذلك المناطق المجاورة للمحمية والتي تؤثر عليها ... ممارسة أنشطة زراعية أو صناعية أو تجارية أو سياحية في مناطق المحمية أو المناطق المجاورة لها إلا بتصريح من جهاز شئون البيئة وفقا للشروط والقواعد والإجراءات الصادرة بقرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم ٢٦٤ لسنة ١٩٩٤ المشار إليه».
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم - وعلى ما جرى به إفتاؤها - أن المشرع إدراكا منه الأهمية الحفاظ على البيئة وحمايتها وتوفير الظروف اللازمة للحياة الطبيعية للأحياء النباتية والحيوانية، أصدر القانون رقم (۱۰۲) لسنة ۱۹۸۳ في شأن المحميات الطبيعية، وضرب سياجا من الحماية على مساحات الأرض، أو المياه التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء، والتي تضم كائنات حية نباتية، أو حيوانية، أو أسماكا، أو تضم تكوينات طبيعية ذات قيمة ثقافية، أو علمية، أو سياحية، أو جمالية، حيث حظر المشرع القيام بأعمال، أو الإتيان بتصرفات، أو مباشرة أنشطة، أو اتخاذ إجراءات من شأنها تدمير، أو إتلاف، أو تدهور عناصر البيئة الطبيعية، أو الإضرار بالحياة البرية، أو البحرية، أو النباتية، أو المساس بمستواها الجمالي بالمناطق المحمية، ولا تقتصر تلك الحماية على المناطق التي تدخل في الحيز الجغرافي للمحمية بل تمتد إلى المناطق المحيطة بها، كما حظر المشرع مباشرة أية أنشطة زراعية، أو صناعية، أو تجارية في الأراضي التي تعد محمية طبيعية، والمحيطة بالبحيرات حتى مسافة مائتي متر من شواطئها، إلا بتصريح من الجهة الإدارية المختصة في ضوء الشروط والقواعد والإجراءات التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء، ولا ريب في أن هذا التصريح يجد حده ومداه في ألا يكون النشاط المصرح به محظورا في القانون، وإلا كان مشويا بعيب مخالفة القانون، وهو ما يتعين معه أن يدور النشاط التجاري، أو الاستثماري المرخص به داخل المحمية، أو الأراضي المحيطة بها مع استخدام المحمية وما حولها بوصفها كذلك، وبمراعاة صونها من أي تأثيرات بيئية غير طبيعية بما في ذلك مجرد تلويث الهواء فيها.
كما استظهرت الجمعية العمومية مما تقدم أيضًا، أن قيام الجهة الإدارية بالترخيص للأفراد في مباشرة نشاط معين على أرض مملوكة لها هو بطبيعته ترخيص مؤقت تتمتع الجهة الإدارية إزاءه بسلطة تقديرية واسعة تتيح لها إلغاء الترخيص ذاته أثناء سريانه أو عدم تجديده عند انتهاء مدته أو تقصيره أو تقييده بأي قيد تراه لازما، لا يحدها في ذلك سوى إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها بعيدا عن الصالح العام.
ولما كان ما تقدم، وكان الثابت أن شركة بيرفكت الدولية للتنقيب والتعدين وشركة الأمل للمقاولات والمحاجر المعروضة حالتاهما قد حصلنا على موافقة البيئة المشروع محجر جرانيت بمنطقة وادى شواب جهة البحر الاحمر بمحمية وادى الجمال، حيث حصلت الشركة الأولى على موافقة بيئة بتاريخ 27/۱۱/۲۰۱۷، والشركة الثانية على موافقة بيئة في غضون عام ٢٠١١، وكانت تجدد لهما تصاريح ممارسة نشاط المناجم والمحاجر سنويا، وقد تقدمت الشركتان المذكورتان بطلب لتجديد تصاريح ممارسة النشاط عن عام ٢٠١٩، إلا أنه وبعرض أمر تجديد تصاريح ممارسة نشاط المناجم والمحاجر داخل نطاق المحميات الطبيعية على مجلس إدارة جهاز شئون البيئة بجلسته رقم ٤٦ المعقودة بتاريخ 28/۱/۲۰۱۹ قرر عدم الموافقة على ممارسة هذا النشاط داخل المحمية، ولما كان ذلك، وكانت طبيعة عمل الشركتين المشار إليهما عند ممارسة نشاطهما في مشروع محجر رخام وجرانيت بمنطقة وادى شواب بمحمية وادى الجمال تتطلب تقطيع في الجبال الموجودة داخل المحمية لاستخراج الرخام والجرانيت باستخدام آلات وماكينات النشر والتقطيع العملاقة وتحميلها ونقلها إلى خارج المحمية وهو ما يؤدى بدوره إلى الإخلال بالتوازن البيئي الذي قدره المشرع، وأن ممارسته في المحمية، أو في الأراضي المحيطة بها حتى مسافة مائتي متر سيترتب عليه تدمير وإتلاف وتدهور البيئة الطبيعية والإضرار بالحياة البرية والنباتية والمساس بالمستوى الجمالي المنطقة المحمية، وتغيير التكوينات الجيولوجية والجغرافية وتلويث تربة ومياه وهواء منطقة المحمية الأمر الذي يكون معه استمرار النشاط المصرح به للشركتين المشار إليهما بمنطقة وادى شواب بمحمية وادى الجمال، أصبح محظورا وفقا لأحكام القانون رقم (۱۰۲) لسنة ١٩٨٣ في شأن المحميات الطبيعية، وهو ما يقتضي رفض تجديد ممارسة هذا النشاط في الحالتين المعروضتين ومن ثم يكون قرار مجلس إدارة جهاز شئون البيئة المشار إليه رفض ممارسة هذا النشاط داخل المحمية منفقا وحكم القانون.